لا شك أن الكهنوت هو كمال الأسرار. وعظمة الكهنوت مستمدَّة من الكاهن الأعظم ربنا يسوع المسيح، الذى قدم ذاته ذبيحة على الصليب، مبطـِـلاً ذبائح وكهنوت العهد القديم، ومؤسـِّـــسًا كهنوت العهد الجديد. فبعد أن تم الفداء على الصليب، أراد الله أن يشرك البشر فى هذا العمل، فقدم لنا الكهنوت العام والكهنوت الخاص.
أولاً: الكهنوت العام
الكهنوت العام هو كهنوت الحمد والتسبيح. وفى أكثر من موضع يتحدث الكتاب المقدس عن أننا "كلنا ملوك وكهنة." وليس المقصود أن يكون الشعب كله ملوكــًا وكهنة. لكن المقصود أن كل إنسان قــَـبـِـل المسيح فاديــًا ومخلصًا فإنه قد نال كرامة أن يكون ابن لملك الملوك ويمارس الكهنوت العام الذى لا يقدم ذبيحة العهد الجديد من الخبز والخمر ولا الذبائح الحيوانية كما كان فى العهد القديم، بل يقدم ذبائح الحمد والتسبيح لله. ويشير إلى ذلك داود المرتل بقوله: "ليكن رفع يدَى قدَّامك كذبيحة مسائية أمامك." (مز 2:141) فكل إنسان، إذن، هو كاهن يجيب نداء الرسول بولس وطلبه "أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية." (رو 1:12) وفى هذا يقول القديس يوحنا ذهبى الفم: "إن كل عضو فى جسد المسيح السرى يشترك فى حياة الفادى الكهنوتية وفى موته الكفـــَّارِى متحد كالجسد بالرأس؛ أى بشخص يسوع المسيح. ويستطيع كل مؤمن أن يقدم ليتورجية داخلية غير مرئية، وذلك بالقدر الذى يشترك به فى الذبيحة التى قدمها يسوع بذاته على الأرض ولا تزال مُـقـَـدَّمة فى السماء بصورة أبدية."
و"الليتوجية" معناها صلاة المجموعة. ولذلك فالمؤمنين ليسوا مجرد سامعين أو متفرجين عند حضورهم القداس الإلهى، بل هـــم أعضاء مشــــاركين. لذلك تقول الكنيسة فى تحـــــليل الخـــدام: "عبيدك يارب خدام هذا اليوم، الكهنة، والشمامسة، والإكليروس، وكل الشعب . . . " فالكل خدام فى شركة، لكن لكل واحد حسب نصيبه فى الخدمة. وتأكيد هذا المفهوم عند الشعب يزيد من قوة المؤمنين، ويـُـشعـِرهم بارتبارط روحى من خلال حضورهم القداسات باستمرار.
ثانيًاً: الكهنوت الخاص
يقول معلمنا بطرس الرسول: "كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية، بيتــًا روحيًا، كهنوتــًا مقدسـًا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح." (1 بط 2: 5-9) وحين يكلم الرسول بطرس الشعب بهذا الكلام، فإنه يقصد الكهنوت بمعناه الخاص. وكما سبقت الإشارة، فإن "كلنا ملوك وكهنة" لا يُـقصَد بها أن يكون الشعب كله ملوكــًا وكهنة، بل أننا أصبحنا أبناءًا وبناتــًا لملك الملوك.
الكهنة هم خدام الأسرار. وفى الكنيسة الأولى أقيم نـُــظــَّارًا (أساقفة) وشيوخ (كهنة) وخدام (شمامسة) لكى يكملوا أعمال الرسل المُسَلــَّـمة لهم. وكان موكول إليهم أن يمارسوا سلطانهم فى الكنائس وأن يكونوا اللسان المُعبــِّـر والإرادة المنظورة لهذه النعمة الكهنوتية. وهم مؤتمنون على الكرازة بالكلمة وعلى توصيل الأسرار لكل الناس. وللكهنوت نعمة خاصة تنبع من كهنوت السيد المسيح له المجد، رئيس الكهنة الحقيقى. فكلما ازداد اتحاد الكاهن بشخص المخلص ازداد قوة فى كهنوته. ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم: "إن الكاهن الواقف ليقـدِّس القرابين يجب أن يكون طاهرًا كما لو كان واقِفــًا فى السموات عينها فى وسط تلك القوات السمائية. حينما ترى الرب ذبيحــًا وموضوعــًا على المذبح، والكاهن واقفـًا يصلى على الذبيحة، والشعب يشترك فى الصلاة، هل تستطيع أن تقول أنك لازلت بين الناس على الأرض، أم أنك انتقلت إلى السماء، وطرحت عنك الأفكار الجسدية؟ ألـَـسْـتَ تتأمـَّـل الأشياء التى فى السماء بفكر نقِى وبروح متحررة من الجسد؟ ياللعجب من حب الله للإنسان، إذ أن الساكن فى الأعالى يكون فى هذه الساعة بين يـَـدَىّ الكاهن يعطى ذاته لمن يريد. حينما نتصور إيلــِـيَّا يرفع الصلاة فتنزل النار من السماء على الذبيحة؛ إنها بلا شك تمت فى رعب. أما الآن فى العهد الجديد، فلا تنزل نار من السماء، بل الروح القدس نفسه يستمع إلى الطلبات التى يطلبها الكاهن عن شعبه فتضئ النعمة النازلة على الذبيحة فى نفوس الجميع، فيتــَألــَّـقون أكثر من الفِضـَّـة المصفــَّـاة بالنار. يالعظمة هذا السر الرهيب، ولولا مساندة نعمة الله العظيمة للحميع، لفـَـنِىَ الكل فى هذه اللحظات. مَن هذا الذى يقوم أمام المجد الإلـَـهى؟ موسَى لم يستطع أن ينظر الله لأنه لا يستطيع أحد أن يراه ويعيش. والكاهن يحمل الإلـَـه على يده، فأى سلطان وكرامة عظيمة ورهيبة جدًا."
سلطان الكهنوت
لقد أعطى الله للكاهن سلطان وكرامة لم يعطِهما للملائكة ولا لرؤساء الملائكة، لأنه لم يخاطبهم قائلا: "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطـًا فى السماء، وكل ما تحـِـــلــُّونه على الأرض يكون محلولا فى السماء." (مت 19:16، مت 18:1 وهذا يعنى أن ما يفعله الكاهن على الأرض يصدِّق الله عليه فى السماء، وما ينطق به العبد يؤيده سيده. هذا سلطان سمائى وكرامة سمائية. وفى هذا يتأمل يوحنا ذهبى الفم: "أى سلطان يكون أعظم من هذا؟ إذا أعطى ملك لإنسان أن يضع من يريد فى السجن ويطلق سراح من يريد، فسوف يكون لهذا الإنسان احترام بين الشعب كله، فما بالك بمَلك الملوك؟ الله يعطى الكهنوت هذه الكرامة وهذا السلطان العظيم. أفلا يستحق الكاهن احترام الشعب وتوقيره؟ فالأشياء الصالحة التى تـُدخِلنا ملكوت السموات كلها تتم عن طريق الكهنة؛ من ولادة ثانية، إلى أكل جسد الرب ودمه." ويقول رب المجد: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يرى ملكوت الله." (يو 3:3) وأيضًا: "من يأكل جسدى ويشــــرب دمـــى يثبت فــَّى وأنا فيه." (يو 56:6) فكيف يمكن لأى إنسان دون هذه الأمور– التى لا تتم سوى بواسطة الكاهن – أن يربح الأكاليل المعدَّة للفائزين؟
لذلك يجب علينا أن نكرم الكهنوت بما يليق وكرامة مَن اختارهم وأرسلهم الله نفسه. نكرمهم أكثر من الوالدين، لأن الوالدين ولدونا من مشيئة رجل، أما الكهنة فولدونا من الله ولادة روحية وأعطونا نعمة البنوة لله والحرية مـِن قِــبله.
فى العهد القديم أعطى الله للكهنوت سلطانـًا لشفاء بعض الأمراض، فما بالنا بالعهد الجديد؟ أعطى الله كهنوت العهد الجديد سلطانـًا أكثر بكثير، لذلك فإن الذين يحتقرون الكهنة يستوجبون اللعنة أكثر من داثان وجماعته، ويستحقون عقابًا أشد قساوة.
الكاهن هو الذى يصلح الإنسان مع الله. لذلك يجب له الإحترام، حتى لو أتى منه سلوك شخصى غير لائق. طالما أن كهنوته محفوظ فله الإحترام.
الدعوة إلى الكهنوت
يقول الوحى الإلـــَهى على لسان بولس الرسول: "لا يأخذ أحد هذه الوظيفة من نفسه، بل المدعو من الله كما هارون." (عب 4:5) فالله ينظر ويختار ويريد. فى البداية إختار الأبكار، وقال لموسى: "قدِّس لى كل بكر؛ كل فاتح رحم من بنى إسرائيل من الناس ومن البهائم إنه لى." (خر 2:13)
إختار الله هارون وبنيه لخدمة الكهنوت؛ يكونوا نصيبًا للرب (إكليروس للرب). وعند تقسيم الأرض، قال إن هارون ونسله لا يأخذوا شيئا لأن الرب هو نصيبهم؛ يأكلون مما يعطـَـــى للـــرب. (يش 7:1 وقبل أن يبدأ هارون وأولاده خدمتهم، أمر الرب موسى أن يمسحهم أمام كل الجماعة، وأن يقدموا ذبيحة للرب فى محفل مقدس وهم لابسون ثياب مقدسة مصنوعة كأمر الرب. (خر 28، خر 30، خر 40، لا 7) والمسحة هنا تشمل التقديس، والتكريس، والتخصيص.
وأمر الله أن يضع علامة من ذهب على جبهة هارون، فتكون علامة للرضا أمام الرب عن هارون وعن الشعب. ولم تكن ثياب الكهنة من باب المظهر وحسن اللبس، ولكن كما قال عنها: "للمجد والبهاء." (خر 2:28، خر 40:2
يذكر عن القديس باسيليوس أسقف نيصص أنه كان يلبس ثياب فاخرة جدا للخدمة. وعندما أعثرت هذه الثياب أحد الناس، كشف الله للقديس هذا الأمر. فأخذه القديس إلى غرفة داخلية وخلع عن نفسه ثياب الخدمة، فظهر ثوب الخيش الذى كان يرتديه على جسده. وقال له: "يا ابنى، هذه الثياب إنما هى تكريمًا لله وليست تكريمًا للإنسان. لأنه إن كان الله يُـلبـِـس خدام العهد القديم المجد والبهاء، أفلا يهتم بخدام العهد الجديد؟"
وفى العهد القديم، كان يصاحب المسحة حلول الروح القدس. ويقابلها فى العهد الجديد وضع اليد الرسولية المتسلسلة من الرسل، إلى البطاركة، إلى الأساقفة، وكذلك النفخـَـة المقدسة فى فم الكاهن يوم سيامته. وعلى هذا، فالكهنوت اختيار، ودعوة، ومسحة، وإرسالية. ويقول الوحى الإلهى على لسان أشعياء النبى: "روح السيد الرب علىَّ لأن الرب مسحني لأبشـِّـر المساكين؛ أرسلنى لأعصب منكسرى القلب، لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق." (أش 1:61) ومن هنا نلاحظ أن المسحة تأتى قبل الإرسالية، وقبلهما يأتى الاختيار والدعوة. وبدون هذا الترتيب الإلـَهى لا يكون الأمر مفيدًا، كما يقول أرميا النبى: "هاأنــَـذا على الذين يتنبأون بأحلام كاذبة، يقول الرب. الذين يقصُّونها ويضِلـُّـون شعبى بأكاذيبهم ومفاخراتهم وأنا لم أرسلهم ولا أمرتهم فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة، يقول الرب." (أر 32:23) ونرى أيضًا أن كهنوت العهد الجديد يتم بالدعوة، إذ أن الرب يسوع "دعَى تلاميذه الإثــنـَى عشر، وأعطاهم سلطانــًا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف." (مت 1:10) ويؤكد البشير لوقا أن السيد المسيح "دعَى تلاميذه الإثــنـَى عشر وأعطاهم قوة وسلطانــًا على جميع الشياطين وشفاء أمراض." (لو 1:9) وأنه "عين . . سبعينـًا آخرين." (لو 1:10) ويصف يوحنا الإنجيلى كيف أن السيد المسيح دعى تلاميذه واختارهم "وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم." (يو 16:15) وأنه أعلن عند انتهاء خدمته على الأرض أنه "كما أرسلنى الآب أرسلكم أنا." (يو 21:20) ويعرِّفنا الرب أن الأمر يحتاج لصلاة بقوله: "فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده." (مت 38:9)
وفى الإرسالية، يحدد الله مكان ونوع العمل، فيقول لتلاميذه: "إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا." (مت 5:10) وبعد ذلك "اذهبوا وتلمِذوا جميع الأمم، وعمِّــدوهم باسم الاب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به." (مت 28: 19-20) و "اذهبوا إلى العالم أجمع و اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها؛ مَـن آمن واعتمد خلص ومَـن لم يؤمن يُــدَن." (مر 16: 15-16) وبذلك "تـــكونــون لــى شهودًا فى أورُشــــليم وفى كل اليهودية، والسامرة، وإلى أقصى الأرض." (أع 8:1)
والكهنوت رسالة معينة، والكاهن ملزَم بتنفيذ هذه الرسالة. يوحنا المعمدان جاء ليشهد للنور وليهيئ للرب شعبًا منتظرًا، إلا أنه لم يُسمح له بتقديم ذبائح كباقى كهنة العهد القديم. من هنا كان واضحًا أن رسالة يوحنا كانت للكرازة بمعمودية التوبة وإعداد القلوب لقبول الرب.
وعملية اختيار الكاهن تتم بإرشاد الروح القدس. فالروح القدس يرشد البطريرك فى اختيلر الأساقفة، ويرشد الأساقفة فى اختيار الكهنة. ونرى هذا واضحًا فى وصية بولس الرسول: "احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التى اقتناها بدمه." (أع 28:20)
ويتم التكريس بالمسحة المقدسة التى تشمل وضع اليد والنفخة المقدسة. يحدد الكتاب المقدس ما يتعلق بوضع اليد فى سفر أعمال الرسل. (أع 3:6) أما النفخة المقدسة فبدأت من فم رب المجد يسوع للتلاميذ كما هو مذكور فى إنجيل البشير يوحنا "فقال لهم يسوع ايضا: ’سلام لكم كما ارسلني الاب أرسلكم أنا.‘ و لما قال هذا نفخ وقال لهم: ’اقبلوا الروح القدس.‘" (يو 20: 22:20) ومنهم بالتسلسل للبطاركة والأساقفة.
درجات ورُتــَب الكهنوت
يقول القديس بولس: "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد، وأنواع خِـدَم موجودة ولكن الرب واحد، وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذى يعمل الكل فى الكل. ولكنه لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة؛ فإنه لواحد يعطــَى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد، ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات، ولآخر نبوة، ولآخر تمييز الأرواح، ولآخر أنواع ألسِنة، ولآخر ترجمة ألسِنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء." (1كو 12: 11:4)
أى أنه وإن كانت هناك مواهب متعددة، لكن معطيها هو رب واحد. وإن كان الكل يخدم، إنما يخدم رب واحد. ويؤكد الرسول بولس أنه قد "وضع الله أناسا فى الكنيسة: أولا رسلا، ثانيًا أنبياء، ثالثــًا معلمين، ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء أنواع تدابير وأنواع ألسِنة." (1كو 28:12) وكما وهو واضح، فأنه لا غِنــَى عن أن يمتلئ جميع الخدام من الروح القدس على مختــَلف أنواع خدمتهم ودرجاتهم. ويشير سفر أعمال الرسل إلى أهمية هذا الامتلاء عند اختيار الشمامسة الأوائل، الذين كانوا "سبعة رجال منكم مشهودًا لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة." (أع 3:6)
درَجــــــــــــَـات ورُتـَـب الكــــَــــهـَـنـُـوت
الشـَّـمَّاسيــِّة القـِـسِّيسـيــِّـة الأسقـُـفيــــِّة
1. الإبسالتس
2. الأغنسطس
3. الإيبوذياكون
4. الذياكون
5. الأرشى ذياكون
1. القـــــــس
2. القمــــص
1. الأســـقف
2. المطران
3. البطريرك
ولكل رتبة كنسية طقس سيامة خاص بها كما هو موضح تاليًا:
· فعند سيامة الإبسالتِـس والأغنسطس، يتضمن الطقس النطق والنفخة مقدسة.
· وعند سيامة الإبوذياكون، يتضمن الطقس النطق، والدعوة، والنفخة مقدسة.
· وفى سيامات الرتب الأخرى (الذياكون، والأرشى ذياكون، والقس، والقمص، والأسقف، والمطران، والبطريرك) فيتضمن الطقس نطق، ودعوة، ووضع اليد، والنفخة مقدسة.
النطــق
الأغنسطس
الإبسالتس
الإيبوذياكون
المــطران
البطريرك
الأســــقف
الذياكون
الأرشى ذياكون
الــــــقس
القـــمص
شكل 1: النطق هو جزء من طقوس سيامات جميع الرتب الكنسية.
ويوضح الكتاب المقدس أن حلول الروح القدس يتم عن طريق وضع اليد، كما حدث مع أهل السامرة (أع ، والقديسين بولس وبرنابا (أع 13)، وأيضًا مع أهل أفسس (أع 19).
ولكى ينجح الكاهن فى خدمته، فعليه مسئوليات كثيرة أهمها:
1. إماتة أهواءه الجسدية
يجب أن يسلك الكاهن حياة روحية سامية، تاركــًا وراءه مجد العالم. فالإنسان الذى يريد أن يخدم الله لابد أن يكون مستعد لأن يرفض العيش بطرق أهل العالم.
2. مراقبة حياته الخاصة
إن لم يراقب الكاهن حياته الخاصة فهو لا يستطيع أن يقدم شئ للمخدومين. فكيف يتحدث عن الصلاة وهو لا يصلى؟ لابد أن يهتم بتدبيره الداخلى لكى يكون له دالة عند الله، وتصبح حياته شهادة لاسم الرب يسوع، كما يقول قداسة البابا شنودة الثالث: "الناس تستطيع أن تقرأ عن المسيح فى الكتب، لكنها تريد أن ترى المسيح فى حياة الكاهن."
3. انضباطه فى احتياجات الجسد
إذا لم يضبط الكاهن احتياجات جسده، فيمكن أن يعطله ذلك عن الإستمرار فى الخدمة، وقد يكون عثرة لنفسه وللآخرين. الويل لمن تأت من قـِـبـَلِه العثرات.
4. عدم الخوف من الضيقات
الكاهن لا يخاف من الضيقات ولا يهرب منها، بل يواجهها بشجاعة من أجل الخراف الضالة.
5. الاقتناع بهدف الخدمة
الهدف الأسمـَى لخدمة الكاهن هو خلاص النفوس. ويجب على الكاهن أن يضع هذا الهدف امامه فى كل حين، وألا يتمرد على خدمته. وإذا لم يكن الكاهن محققـًا نجاحًا فى الخدمة، فليضع الأمر بين يدى الله ولا ييأس ولا يفقد رجائه.
6. القلب العطوف
القلب العطوف يجعل الكاهن قادرًا أن يغفر بسرعة لمن يسئ إليه شخصيًا، ولكن لا يتهاون مع مَن يسئ إلى الكنيسة. وكذلك يكون الكاهن متجاوبًا ومتفاعلا مع مشاكل المخدومين؛ يرق لضعفاتهم وضيقاتهم، ويفرح بأعمالهم الصالحة.
7. القدوة الحسنة
وذلك حتى يقود الآخرين بدلا من أن يوقعهم فى عثرة.
8. التشفـُّـع إلى الله باستمرار
يجب أن يحرص الكاهن على الصلاة من أجل حياته ومن أجل الشعب لكى يرفع الله غضبه عن الكنيسة. وينبغى أن يعى ما يقوله هو نفسه فى أثناء القداس الإلـَهى: "عن خطاياى وجهالات شعبك
أولاً: الكهنوت العام
الكهنوت العام هو كهنوت الحمد والتسبيح. وفى أكثر من موضع يتحدث الكتاب المقدس عن أننا "كلنا ملوك وكهنة." وليس المقصود أن يكون الشعب كله ملوكــًا وكهنة. لكن المقصود أن كل إنسان قــَـبـِـل المسيح فاديــًا ومخلصًا فإنه قد نال كرامة أن يكون ابن لملك الملوك ويمارس الكهنوت العام الذى لا يقدم ذبيحة العهد الجديد من الخبز والخمر ولا الذبائح الحيوانية كما كان فى العهد القديم، بل يقدم ذبائح الحمد والتسبيح لله. ويشير إلى ذلك داود المرتل بقوله: "ليكن رفع يدَى قدَّامك كذبيحة مسائية أمامك." (مز 2:141) فكل إنسان، إذن، هو كاهن يجيب نداء الرسول بولس وطلبه "أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية." (رو 1:12) وفى هذا يقول القديس يوحنا ذهبى الفم: "إن كل عضو فى جسد المسيح السرى يشترك فى حياة الفادى الكهنوتية وفى موته الكفـــَّارِى متحد كالجسد بالرأس؛ أى بشخص يسوع المسيح. ويستطيع كل مؤمن أن يقدم ليتورجية داخلية غير مرئية، وذلك بالقدر الذى يشترك به فى الذبيحة التى قدمها يسوع بذاته على الأرض ولا تزال مُـقـَـدَّمة فى السماء بصورة أبدية."
و"الليتوجية" معناها صلاة المجموعة. ولذلك فالمؤمنين ليسوا مجرد سامعين أو متفرجين عند حضورهم القداس الإلهى، بل هـــم أعضاء مشــــاركين. لذلك تقول الكنيسة فى تحـــــليل الخـــدام: "عبيدك يارب خدام هذا اليوم، الكهنة، والشمامسة، والإكليروس، وكل الشعب . . . " فالكل خدام فى شركة، لكن لكل واحد حسب نصيبه فى الخدمة. وتأكيد هذا المفهوم عند الشعب يزيد من قوة المؤمنين، ويـُـشعـِرهم بارتبارط روحى من خلال حضورهم القداسات باستمرار.
ثانيًاً: الكهنوت الخاص
يقول معلمنا بطرس الرسول: "كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية، بيتــًا روحيًا، كهنوتــًا مقدسـًا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح." (1 بط 2: 5-9) وحين يكلم الرسول بطرس الشعب بهذا الكلام، فإنه يقصد الكهنوت بمعناه الخاص. وكما سبقت الإشارة، فإن "كلنا ملوك وكهنة" لا يُـقصَد بها أن يكون الشعب كله ملوكــًا وكهنة، بل أننا أصبحنا أبناءًا وبناتــًا لملك الملوك.
الكهنة هم خدام الأسرار. وفى الكنيسة الأولى أقيم نـُــظــَّارًا (أساقفة) وشيوخ (كهنة) وخدام (شمامسة) لكى يكملوا أعمال الرسل المُسَلــَّـمة لهم. وكان موكول إليهم أن يمارسوا سلطانهم فى الكنائس وأن يكونوا اللسان المُعبــِّـر والإرادة المنظورة لهذه النعمة الكهنوتية. وهم مؤتمنون على الكرازة بالكلمة وعلى توصيل الأسرار لكل الناس. وللكهنوت نعمة خاصة تنبع من كهنوت السيد المسيح له المجد، رئيس الكهنة الحقيقى. فكلما ازداد اتحاد الكاهن بشخص المخلص ازداد قوة فى كهنوته. ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم: "إن الكاهن الواقف ليقـدِّس القرابين يجب أن يكون طاهرًا كما لو كان واقِفــًا فى السموات عينها فى وسط تلك القوات السمائية. حينما ترى الرب ذبيحــًا وموضوعــًا على المذبح، والكاهن واقفـًا يصلى على الذبيحة، والشعب يشترك فى الصلاة، هل تستطيع أن تقول أنك لازلت بين الناس على الأرض، أم أنك انتقلت إلى السماء، وطرحت عنك الأفكار الجسدية؟ ألـَـسْـتَ تتأمـَّـل الأشياء التى فى السماء بفكر نقِى وبروح متحررة من الجسد؟ ياللعجب من حب الله للإنسان، إذ أن الساكن فى الأعالى يكون فى هذه الساعة بين يـَـدَىّ الكاهن يعطى ذاته لمن يريد. حينما نتصور إيلــِـيَّا يرفع الصلاة فتنزل النار من السماء على الذبيحة؛ إنها بلا شك تمت فى رعب. أما الآن فى العهد الجديد، فلا تنزل نار من السماء، بل الروح القدس نفسه يستمع إلى الطلبات التى يطلبها الكاهن عن شعبه فتضئ النعمة النازلة على الذبيحة فى نفوس الجميع، فيتــَألــَّـقون أكثر من الفِضـَّـة المصفــَّـاة بالنار. يالعظمة هذا السر الرهيب، ولولا مساندة نعمة الله العظيمة للحميع، لفـَـنِىَ الكل فى هذه اللحظات. مَن هذا الذى يقوم أمام المجد الإلـَـهى؟ موسَى لم يستطع أن ينظر الله لأنه لا يستطيع أحد أن يراه ويعيش. والكاهن يحمل الإلـَـه على يده، فأى سلطان وكرامة عظيمة ورهيبة جدًا."
سلطان الكهنوت
لقد أعطى الله للكاهن سلطان وكرامة لم يعطِهما للملائكة ولا لرؤساء الملائكة، لأنه لم يخاطبهم قائلا: "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطـًا فى السماء، وكل ما تحـِـــلــُّونه على الأرض يكون محلولا فى السماء." (مت 19:16، مت 18:1 وهذا يعنى أن ما يفعله الكاهن على الأرض يصدِّق الله عليه فى السماء، وما ينطق به العبد يؤيده سيده. هذا سلطان سمائى وكرامة سمائية. وفى هذا يتأمل يوحنا ذهبى الفم: "أى سلطان يكون أعظم من هذا؟ إذا أعطى ملك لإنسان أن يضع من يريد فى السجن ويطلق سراح من يريد، فسوف يكون لهذا الإنسان احترام بين الشعب كله، فما بالك بمَلك الملوك؟ الله يعطى الكهنوت هذه الكرامة وهذا السلطان العظيم. أفلا يستحق الكاهن احترام الشعب وتوقيره؟ فالأشياء الصالحة التى تـُدخِلنا ملكوت السموات كلها تتم عن طريق الكهنة؛ من ولادة ثانية، إلى أكل جسد الرب ودمه." ويقول رب المجد: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يرى ملكوت الله." (يو 3:3) وأيضًا: "من يأكل جسدى ويشــــرب دمـــى يثبت فــَّى وأنا فيه." (يو 56:6) فكيف يمكن لأى إنسان دون هذه الأمور– التى لا تتم سوى بواسطة الكاهن – أن يربح الأكاليل المعدَّة للفائزين؟
لذلك يجب علينا أن نكرم الكهنوت بما يليق وكرامة مَن اختارهم وأرسلهم الله نفسه. نكرمهم أكثر من الوالدين، لأن الوالدين ولدونا من مشيئة رجل، أما الكهنة فولدونا من الله ولادة روحية وأعطونا نعمة البنوة لله والحرية مـِن قِــبله.
فى العهد القديم أعطى الله للكهنوت سلطانـًا لشفاء بعض الأمراض، فما بالنا بالعهد الجديد؟ أعطى الله كهنوت العهد الجديد سلطانـًا أكثر بكثير، لذلك فإن الذين يحتقرون الكهنة يستوجبون اللعنة أكثر من داثان وجماعته، ويستحقون عقابًا أشد قساوة.
الكاهن هو الذى يصلح الإنسان مع الله. لذلك يجب له الإحترام، حتى لو أتى منه سلوك شخصى غير لائق. طالما أن كهنوته محفوظ فله الإحترام.
الدعوة إلى الكهنوت
يقول الوحى الإلـــَهى على لسان بولس الرسول: "لا يأخذ أحد هذه الوظيفة من نفسه، بل المدعو من الله كما هارون." (عب 4:5) فالله ينظر ويختار ويريد. فى البداية إختار الأبكار، وقال لموسى: "قدِّس لى كل بكر؛ كل فاتح رحم من بنى إسرائيل من الناس ومن البهائم إنه لى." (خر 2:13)
إختار الله هارون وبنيه لخدمة الكهنوت؛ يكونوا نصيبًا للرب (إكليروس للرب). وعند تقسيم الأرض، قال إن هارون ونسله لا يأخذوا شيئا لأن الرب هو نصيبهم؛ يأكلون مما يعطـَـــى للـــرب. (يش 7:1 وقبل أن يبدأ هارون وأولاده خدمتهم، أمر الرب موسى أن يمسحهم أمام كل الجماعة، وأن يقدموا ذبيحة للرب فى محفل مقدس وهم لابسون ثياب مقدسة مصنوعة كأمر الرب. (خر 28، خر 30، خر 40، لا 7) والمسحة هنا تشمل التقديس، والتكريس، والتخصيص.
وأمر الله أن يضع علامة من ذهب على جبهة هارون، فتكون علامة للرضا أمام الرب عن هارون وعن الشعب. ولم تكن ثياب الكهنة من باب المظهر وحسن اللبس، ولكن كما قال عنها: "للمجد والبهاء." (خر 2:28، خر 40:2
يذكر عن القديس باسيليوس أسقف نيصص أنه كان يلبس ثياب فاخرة جدا للخدمة. وعندما أعثرت هذه الثياب أحد الناس، كشف الله للقديس هذا الأمر. فأخذه القديس إلى غرفة داخلية وخلع عن نفسه ثياب الخدمة، فظهر ثوب الخيش الذى كان يرتديه على جسده. وقال له: "يا ابنى، هذه الثياب إنما هى تكريمًا لله وليست تكريمًا للإنسان. لأنه إن كان الله يُـلبـِـس خدام العهد القديم المجد والبهاء، أفلا يهتم بخدام العهد الجديد؟"
وفى العهد القديم، كان يصاحب المسحة حلول الروح القدس. ويقابلها فى العهد الجديد وضع اليد الرسولية المتسلسلة من الرسل، إلى البطاركة، إلى الأساقفة، وكذلك النفخـَـة المقدسة فى فم الكاهن يوم سيامته. وعلى هذا، فالكهنوت اختيار، ودعوة، ومسحة، وإرسالية. ويقول الوحى الإلهى على لسان أشعياء النبى: "روح السيد الرب علىَّ لأن الرب مسحني لأبشـِّـر المساكين؛ أرسلنى لأعصب منكسرى القلب، لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق." (أش 1:61) ومن هنا نلاحظ أن المسحة تأتى قبل الإرسالية، وقبلهما يأتى الاختيار والدعوة. وبدون هذا الترتيب الإلـَهى لا يكون الأمر مفيدًا، كما يقول أرميا النبى: "هاأنــَـذا على الذين يتنبأون بأحلام كاذبة، يقول الرب. الذين يقصُّونها ويضِلـُّـون شعبى بأكاذيبهم ومفاخراتهم وأنا لم أرسلهم ولا أمرتهم فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة، يقول الرب." (أر 32:23) ونرى أيضًا أن كهنوت العهد الجديد يتم بالدعوة، إذ أن الرب يسوع "دعَى تلاميذه الإثــنـَى عشر، وأعطاهم سلطانــًا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف." (مت 1:10) ويؤكد البشير لوقا أن السيد المسيح "دعَى تلاميذه الإثــنـَى عشر وأعطاهم قوة وسلطانــًا على جميع الشياطين وشفاء أمراض." (لو 1:9) وأنه "عين . . سبعينـًا آخرين." (لو 1:10) ويصف يوحنا الإنجيلى كيف أن السيد المسيح دعى تلاميذه واختارهم "وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم." (يو 16:15) وأنه أعلن عند انتهاء خدمته على الأرض أنه "كما أرسلنى الآب أرسلكم أنا." (يو 21:20) ويعرِّفنا الرب أن الأمر يحتاج لصلاة بقوله: "فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده." (مت 38:9)
وفى الإرسالية، يحدد الله مكان ونوع العمل، فيقول لتلاميذه: "إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا." (مت 5:10) وبعد ذلك "اذهبوا وتلمِذوا جميع الأمم، وعمِّــدوهم باسم الاب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به." (مت 28: 19-20) و "اذهبوا إلى العالم أجمع و اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها؛ مَـن آمن واعتمد خلص ومَـن لم يؤمن يُــدَن." (مر 16: 15-16) وبذلك "تـــكونــون لــى شهودًا فى أورُشــــليم وفى كل اليهودية، والسامرة، وإلى أقصى الأرض." (أع 8:1)
والكهنوت رسالة معينة، والكاهن ملزَم بتنفيذ هذه الرسالة. يوحنا المعمدان جاء ليشهد للنور وليهيئ للرب شعبًا منتظرًا، إلا أنه لم يُسمح له بتقديم ذبائح كباقى كهنة العهد القديم. من هنا كان واضحًا أن رسالة يوحنا كانت للكرازة بمعمودية التوبة وإعداد القلوب لقبول الرب.
وعملية اختيار الكاهن تتم بإرشاد الروح القدس. فالروح القدس يرشد البطريرك فى اختيلر الأساقفة، ويرشد الأساقفة فى اختيار الكهنة. ونرى هذا واضحًا فى وصية بولس الرسول: "احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التى اقتناها بدمه." (أع 28:20)
ويتم التكريس بالمسحة المقدسة التى تشمل وضع اليد والنفخة المقدسة. يحدد الكتاب المقدس ما يتعلق بوضع اليد فى سفر أعمال الرسل. (أع 3:6) أما النفخة المقدسة فبدأت من فم رب المجد يسوع للتلاميذ كما هو مذكور فى إنجيل البشير يوحنا "فقال لهم يسوع ايضا: ’سلام لكم كما ارسلني الاب أرسلكم أنا.‘ و لما قال هذا نفخ وقال لهم: ’اقبلوا الروح القدس.‘" (يو 20: 22:20) ومنهم بالتسلسل للبطاركة والأساقفة.
درجات ورُتــَب الكهنوت
يقول القديس بولس: "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد، وأنواع خِـدَم موجودة ولكن الرب واحد، وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذى يعمل الكل فى الكل. ولكنه لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة؛ فإنه لواحد يعطــَى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد، ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات، ولآخر نبوة، ولآخر تمييز الأرواح، ولآخر أنواع ألسِنة، ولآخر ترجمة ألسِنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء." (1كو 12: 11:4)
أى أنه وإن كانت هناك مواهب متعددة، لكن معطيها هو رب واحد. وإن كان الكل يخدم، إنما يخدم رب واحد. ويؤكد الرسول بولس أنه قد "وضع الله أناسا فى الكنيسة: أولا رسلا، ثانيًا أنبياء، ثالثــًا معلمين، ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء أنواع تدابير وأنواع ألسِنة." (1كو 28:12) وكما وهو واضح، فأنه لا غِنــَى عن أن يمتلئ جميع الخدام من الروح القدس على مختــَلف أنواع خدمتهم ودرجاتهم. ويشير سفر أعمال الرسل إلى أهمية هذا الامتلاء عند اختيار الشمامسة الأوائل، الذين كانوا "سبعة رجال منكم مشهودًا لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة." (أع 3:6)
درَجــــــــــــَـات ورُتـَـب الكــــَــــهـَـنـُـوت
الشـَّـمَّاسيــِّة القـِـسِّيسـيــِّـة الأسقـُـفيــــِّة
1. الإبسالتس
2. الأغنسطس
3. الإيبوذياكون
4. الذياكون
5. الأرشى ذياكون
1. القـــــــس
2. القمــــص
1. الأســـقف
2. المطران
3. البطريرك
ولكل رتبة كنسية طقس سيامة خاص بها كما هو موضح تاليًا:
· فعند سيامة الإبسالتِـس والأغنسطس، يتضمن الطقس النطق والنفخة مقدسة.
· وعند سيامة الإبوذياكون، يتضمن الطقس النطق، والدعوة، والنفخة مقدسة.
· وفى سيامات الرتب الأخرى (الذياكون، والأرشى ذياكون، والقس، والقمص، والأسقف، والمطران، والبطريرك) فيتضمن الطقس نطق، ودعوة، ووضع اليد، والنفخة مقدسة.
النطــق
الأغنسطس
الإبسالتس
الإيبوذياكون
المــطران
البطريرك
الأســــقف
الذياكون
الأرشى ذياكون
الــــــقس
القـــمص
شكل 1: النطق هو جزء من طقوس سيامات جميع الرتب الكنسية.
ويوضح الكتاب المقدس أن حلول الروح القدس يتم عن طريق وضع اليد، كما حدث مع أهل السامرة (أع ، والقديسين بولس وبرنابا (أع 13)، وأيضًا مع أهل أفسس (أع 19).
ولكى ينجح الكاهن فى خدمته، فعليه مسئوليات كثيرة أهمها:
1. إماتة أهواءه الجسدية
يجب أن يسلك الكاهن حياة روحية سامية، تاركــًا وراءه مجد العالم. فالإنسان الذى يريد أن يخدم الله لابد أن يكون مستعد لأن يرفض العيش بطرق أهل العالم.
2. مراقبة حياته الخاصة
إن لم يراقب الكاهن حياته الخاصة فهو لا يستطيع أن يقدم شئ للمخدومين. فكيف يتحدث عن الصلاة وهو لا يصلى؟ لابد أن يهتم بتدبيره الداخلى لكى يكون له دالة عند الله، وتصبح حياته شهادة لاسم الرب يسوع، كما يقول قداسة البابا شنودة الثالث: "الناس تستطيع أن تقرأ عن المسيح فى الكتب، لكنها تريد أن ترى المسيح فى حياة الكاهن."
3. انضباطه فى احتياجات الجسد
إذا لم يضبط الكاهن احتياجات جسده، فيمكن أن يعطله ذلك عن الإستمرار فى الخدمة، وقد يكون عثرة لنفسه وللآخرين. الويل لمن تأت من قـِـبـَلِه العثرات.
4. عدم الخوف من الضيقات
الكاهن لا يخاف من الضيقات ولا يهرب منها، بل يواجهها بشجاعة من أجل الخراف الضالة.
5. الاقتناع بهدف الخدمة
الهدف الأسمـَى لخدمة الكاهن هو خلاص النفوس. ويجب على الكاهن أن يضع هذا الهدف امامه فى كل حين، وألا يتمرد على خدمته. وإذا لم يكن الكاهن محققـًا نجاحًا فى الخدمة، فليضع الأمر بين يدى الله ولا ييأس ولا يفقد رجائه.
6. القلب العطوف
القلب العطوف يجعل الكاهن قادرًا أن يغفر بسرعة لمن يسئ إليه شخصيًا، ولكن لا يتهاون مع مَن يسئ إلى الكنيسة. وكذلك يكون الكاهن متجاوبًا ومتفاعلا مع مشاكل المخدومين؛ يرق لضعفاتهم وضيقاتهم، ويفرح بأعمالهم الصالحة.
7. القدوة الحسنة
وذلك حتى يقود الآخرين بدلا من أن يوقعهم فى عثرة.
8. التشفـُّـع إلى الله باستمرار
يجب أن يحرص الكاهن على الصلاة من أجل حياته ومن أجل الشعب لكى يرفع الله غضبه عن الكنيسة. وينبغى أن يعى ما يقوله هو نفسه فى أثناء القداس الإلـَهى: "عن خطاياى وجهالات شعبك
No comments:
Post a Comment