لكل من الآب والابن جميع الكمالات الإلهية، فربنا يسوع المسيح مساوٍ للآب في كل شيء، لأن الابن والآب لهما ذات الجوهر الإلهي الواحد، أو الطبيعة الإلهية الواحدة، أو الذات الإلهية الواحدة، أو الكيان الإلهي الواحد، ولهما روح واحد هو روح الله القدوس، ودعنا يا صديقي نأخذ عدَّة أمثلة على مساواة الابن للآب:
1- المساواة للآب في الجوهر
2- المساواة للآب في إرسال الروح القدس
3- المساواة للآب في المعرفة
4- المساواة للآب في الإيمان به
5- المساواة للآب في الحياة والإقامة من الأموات
6- المساواة للآب في المجد
7- المساواة للآب في الكرامة
8- المساواة للآب في العمل
9- المساواة للآب في منح النعمة
10- المساواة للآب في الملكوت
11- المساواة للآب في السلطان على الملائكة
12- المساواة للآب في كل شيء
1- المساواة للآب في الجوهر: قال الرب يسوع "أنا والآب واحد" (يو 10: 30) وعندما سأله فيلبس أن يريه الآب أجابه السيد المسيح قائلًا "ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ. صدقوني إني في الآب والآب فيَّ وإلاَّ فصدقوني بسبب الأعمال" (يو 14: 10، 11) فالله الغير منظور الذي لم يره أحد قط، أصبح منظورًا في شخص ربنا يسوع. والتلاميذ عندما رأوا الرب يسوع، رأوا الآب فيه، ولذلك قال لهم: "لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه" (يو 14: 7) " فنادى يسوع وقال.. الذي يراني يرى الذي أرسلني" (يو 12: 45).
2- المساواة للآب في إرسال الروح القدس: الروح القدس هو روح الله، والله الآب هو الذي يستطيع أن يسكب روحه على البشر كقول الكتاب " والآن اسمع يا يعقوب عبدي وإسرائيل الذي اخترته. هكذا يقول الرب صانعك.. أسكب روحي على نسلك وبركتي على ذريتك" (أش 44: 1 - 3) " وتعلمون إني أنا في وسط إسرائيل وإني أنا الرب إلهكم.. إني أسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم.. أسكب روحي في تلك الأيام" (يو 2: 27 - 29) وفي يوم الخمسين نرى السيد المسيح يسكب روحه على الكنيسة كقول معلمنا بطرس الرسول " فيسوع.. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه" (أع 2: 32، 33) وتحقق ما قاله السيد المسيح من إرساله للروح القدس " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب.." (يو 15: 26) فلو لم يكن السيد المسيح مساويًا للآب فكيف يرسل ويسكب الروح القدس على البشرية؟! من يقدر أن يحرك روح الله إلآَّ الله ذاته وليس آخر؟!.
3- المساواة للآب في المعرفة: كشف لنا ربنا يسوع عن المعرفة الذاتية المتبادلة بين الآب والابن فقال "وليس أحد يعرف الابن إلاَّ الآب. ولا أحد يعرف الآب إلاَّ الابن. ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت 11: 27).. أي إن الطريق الوحيد لمعرفة الله الآب هو السيد المسيح، فالذي لا يؤمن بألوهية السيد المسيح يستحيل عليه معرفة الله المعرفة الحقيقية، ولذلك قال الرب يسوع "أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلاَّ بي. لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا" (يو 14: 6، 7).
ومعرفة الإنسان لله معرفة ناقصة ومكتسبة، فالإنسان لا يعرف عن الله إلاَّ القليل، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وقد عرف هذا القليل شيئًا فشيئًا، وحتى الملائكة والطغمات السمائية معرفتها لله معرفة محدودة. أما السيد المسيح فمعرفته لله كاملة وذاتية كقوله الطاهر " أنا أعرفه لأني منه وهو أرسلني" (يو 7: 29) وقال أيضًا عن هذه المعرفة المتبادلة " كما إن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب" (يو 10: 15) فالرب يسوع كائن في الآب منذ الأزل وهو أقنوم المعرفة، ولذلك فالمعرفة بين الآب والابن هي معرفة يقينية وكاملة ومباشرة، ولذلك قال "أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك" (يو 17: 25).
وبسبب وحدة الآب والابن في الجوهر، لذلك كل من يعرف الابن يستطيع أن يعرف الآب، والذي لا يعرف الابن يستحيل عليه معرفة الآب، لذلك في حديث السيد المسيح مع اليهود " فقالوا له أين هو أبوك. أجاب يسوع لستم تعرفونني أنا ولا أبي. لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا" (يو 8: 19) وقال لتلاميذه " وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفوني" (يو 16:3) والذي يرى الابن يرى الآب " الذي رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9) حقًا إن الآب الغير منظور رأيناه في الابن المنظور.
4- المساواة للآب في الإيمان به: الإيمان ينبغي أن يكون بالله كما قال "أنتم شهودي يقول الرب.. لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا إني أنا هو. قبلي لم يصوَّر إله وبعدي لا يكون" (أش 43: 10، 11) وقال الرب يسوع "أنتم تؤمنون بالله فأمنوا بي" (يو 14: 1) فمن هو هذا الذي يجعل الإيمان به مساوٍ للإيمان بالله؟ أنه الله الكلمة المساوي للآب في كل شيء. كما قال الرب يسوع "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو 5: 24) وقال أيضًا " لأن هذه مشيئة الذي أرسلني إن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أُقيمه في اليوم الأخير" (يو 6: 40) وقال لمرثا " أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيًّا وآمن بي فلن يموت إلى لا بُد" (يو 11: 25، 26) بل إن السيد المسيح أكد المعنى العكسي وهو إن عدم الإيمان به يؤَدي إلى الدينونة والهلاك " وهكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلِك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (يو 3: 16، 18) وقال لليهود "لأنكم إن لم تؤمنوا إني أنا هو تموتون في خطاياكم" (يو 8: 24) وأكد يوحنا المعمدان هذه الحقيقة قائلًا "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالإبن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 36) وقال بولس الرسول "كل من يؤمن به لا يخزى" (رو 9: 33) وأوضح يوحنا الحبيب إن الهدف من كتابة الإنجيل كله هو الإيمان بابن الله " وأما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا أمنتم حياة باسمه" (يو 20: 31).
5- المساواة للآب في الحياة والإقامة من الأموات: قال الله " أنا أُميت وأُحيي" (تث 32: 39) وصلت حنة أم صموئيل قائلة " الرب يميت ويحيي" (1صم 2: 16) وقال الرب يسوع "كما إن الآب له حياة في ذاته كذلك أُعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته" (يو 5: 26) وليس المقصود بـ"أُعطى" هنا إن الآب أعطى الابن ما ليس له. بل هذا تعبير عن المحبة المتبادلة والوحدة بين الآب والابن، فالابن لم يغتصب شيئًا ليس له كما ظن اليهود هكذا، إنما سرَّ الآب أن يعطي الابن كل شيء، والإنجيل يذكر صراحة عن الابن أنه " رئيس الحياة" (أع 3: 15) فهو الذي أقام الموتى بمجرد كلمة منه، بدون صلاة ولا طلبة ولا تضرع ولا ابتهال، بل قال للصبية " طاليثا لك أقول قومي" (مر 5: 41) وقال للابن الوحيد للأرملة " أيها الشاب لك أقول قم" (يو 7: 14) ونادى لعازر من مدينة الأموات " لعازر هلم خارجًا" (يو 11: 43) وفي اليوم الأخير سيصدر أمره فيقوم كل من في القبور للدينونة.
وقال الرب يسوع " كما إن الآب يُقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضًا يحيي من يشاء" (يو 5: 21) وقال يوحنا الحبيب " فإن الحياة قد أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا" (1يو 1: 2).
6- المساواة للآب في المجد: رغم إن الله يقول " هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر" (أش 42: 8) إلاَّ أننا نرى الآب يُمجّد الابن، والابن يُمجّد الآب، ولهذا خاطب السيد المسيح الآب قائلًا "أيها الآب قد أتت الساعة. مجّد ابنك ليمجدك ابنك أيضًا.. والآن مجّدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو 17: 1، 5) وقال ربنا يسوع لتلاميذه " ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجَّد الآب بالابن" (يو 14: 13) فمجد الآب والابن مجد واحد هو مجد الألوهية " لأن من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب" (لو 9: 26).
وقال بطرس الرسول " لكي يتمجَّد الله في كل شيء بيسوع المسيح الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين" (1 بط 4: 11) وفي سفر الرؤيا سجد الأربعة وعشرون قسيسًا لله الآب معطين إياه المجد والكرامة قائلين " أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهي بإرادتك كائنة وخُلقت" (رؤ 4: 11). كما سجدوا أيضًا لله الابن قائلين " مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك" (رؤ 5: 9) " وصوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة" (رؤ 5: 11، 12).
والمجد المتبادل بين الآب والابن هو مجد الله ذاته، وشتان بين مجد الله ومجد الناس الذي يعطل الإيمان بالله " كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض. والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه" (يو 5: 44) وربنا يسوع لم يطلب مجدًا من الناس إنما أخلى ذاته من المجد الذي له، وظل طوال مدة تجسده يُظهر مجد الآب. وعندما اقترب للصليب طلب من الآب أن يمجده بالمجد الذي له.. لماذا..؟ ليس لأجله ولكن لأجل إيمان التلاميذ " أيها الآب مجّد اسمك فجاء صوت من السماء مجَّدت وأمجّد أيضًا.. أجاب يسوع وقال ليس من أجلي صار هذا الصوت بل من أجلكم" (يو 12: 28 - 30).
7- المساواة للآب في الكرامة: يليق الإكرام بالله الابن كما يليق بالله الآب تمامًا، ولذلك قال السيد المسيح " لأن الآب لا يدين أحدًا بل أعطى كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله" (يو 5: 22، 23).. فمن من البشر يقدر أن يقول للجميع " أكرموني إكرامكم لله ذاته "؟! وإن قال أحد هكذا فمن يصدقه..؟! ومن مظاهر الإكرام تقديم العبادة، فهل يصح تقديم العبادة إلاَّ لله وحده؟!!.
8- المساواة للآب في العمل: بعد شفاء مريض بيت حسدا وبعد أن حمل سريره وكان يوم سبت احتج اليهود " فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضًا إن الله أبوه معادلًا نفسه بالله" (يو 5: 17، 18) " فأجاب يسوع وقال الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلاَّ ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك (الآب) فهذا يعمله الابن كذلك" (يو 5: 19) كما نسب السيد المسيح كلامه للآب " الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيَّ هو يعمل الأعمال" (يو 14: 10).
9- المساواة للآب في منح النعمة: يقول القديس أثناسيوس الرسولي "وهذا هو ما فعله الرسول أيضًا حينما قال {نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح} (رو 1: 7) فإنه بهذا صارت البركة مضمونة بسبب عدم انفصال الآب عن الابن، ولأجل ذلك فالنعمة التي تعطى منهما هي واحدة وهي هي نفسها، فرغم إن الآب يعطي النعمة إلاَّ أنها توهب بالابن، ورغم إن الابن هو الذي يهب النعمة، فالآب هو الذي يعطيها بالابن وفي الابن. لأن الرسول يقول وهو يكتب إلى أهل كورنثوس {أشكر إلهي في كل حين من جهتكم على نعمة الله المعطاة لكم في يسوع المسيح} (1كو 1: 4)" ذ.
10- المساواة للآب في الملكوت: الملكوت هو ملكوت الله الآب كما علمنا ذلك الرب يسوع في الصلاة الربانية ونحن نخاطب الآب " ليأت ملكوتك" (مت 6: 10) والرب يسوع " قال أيضًا بماذا يشبه ملكوت الله" (لو 13: 18، 20) وفي العشاء الرباني قال "ملكوت أبي" (مت 26: 29) ثم نسب الملكوت لنفسه قائلًا لتلاميذه " لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي" (لو 22: 30) وبولس الرسول ينسب الملكوت للابن "الرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته" (2تي 4: 1) فالملكوت هو ملكوت واحد، هو ملكوت الآب والابن والروح القدس الإله الواحد.
11- المساواة للآب في السلطان على الملائكة: فالملائكة هم ملائكة الله الذين يطيعون صوته " باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" (مز 103: 20) " الصانع ملائكته رياحًا وخدامه نار ملتهبة" (مز 104: 4) والرب يسوع هو أيضًا رب الملائكة فيقول " أنا يسوع أرسلت ملاكي" (رؤ 22: 6) وفي مجيئه الثاني " يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم" (مت 13: 41).
12- المساواة للآب في كل شيء: قال السيد المسيح " كل ما للآب هو لي" (يو 16: 15) ولم يستثني شيئًا مما للآب لم ينسبه لنفسه، فهي مساواة في كل شيء جامعة شاملة، وأكد عليها الرب يسوع قائلًا في الصلاة الوداعية مناجيًا الآب " وكل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي" (يو 17: 10) فالآب له كل ما للابن، والابن له كل ما للآب، والآب لا يزيد عن الابن في شيء، ولا الابن ينقص عن الآب في شيء، حتى قال الابن " كل شيء قد دُفع إلىَّ من أبي" (مت 11: 27) وليس معنى إن الآب دفع كل شيء للابن أن الابن لم يكن له كل شيء، أو إن الآب الأعظم منح الابن الأقل عظمة.. كلاَّ إنما المعنى يفيد المحبة المتبادلة بين الآب والابن. وبهذا يرد الابن على اليهود الذين ظنوه أنه يغتصب الألوهية التي ليست له " أجابهم يسوع أعمالًا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي. بسبب أي عمل منها ترجمونني. أجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا" (يو 10: 32، 33) وجعل السيد المسيح المعجزات الباهرات التي يصنعها شاهد إثبات على لاهوته ومساواته للآب في كل شيء، فقال لليهود "إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا إن الآب فيَّ وأنا فيه" (يو 10: 37، 38).
يقول القديس أثناسيوس الرسولي "أعلن (السيد المسيح) نفسه بواسطة الأعمال التي عملها في الجسد أنه ابن الله. لهذا هتف لليهود غير المؤمنين {إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا إن الآب فيَّ وأنا فيه} (يو 10: 37، 38).. فطرده للأرواح الشريرة، وخروجها في الحال، لا يمكن أن يكون عمل إنسان بل عمل الله. ومن ذا الذي بعد أن رآه يشفي الأمراض، الخاضع لها الجنس البشري، يتجاسر ويقول أنه لا يزال إنسانًا وليس إلهًا؟! فقد طهرَّ البرص، وجعل العرج يمشون، والصم يسمعون، والعمي يبصرون، وبالإجمال طرد من كل البشر كل مرض وكل ضعف. من كل هذه كان ممكنًا لأبسط إنسان أن يرى لاهوته. لأنه من ذا الذي يراه يرد للإنسان ما نقصه منذ ولادته، ويفتح عيني الأعمى منذ ولادته، ولا يدرك إن طبيعة البشر كانت خاضعة له، وأنه هو صانعها وبارئها.. أو من ذا الذي يرى مادة الماء تتحول خمرًا ولا يدرك أن من فعل هذا لا بُد أن يكون هو رب وصانع مادة كل المياه؟! ولأجل هذه الغاية أيضًا مشى على المياه كسيدها، ومشى كما على أرض ناشفة لكي يقدم لمن رآه برهانًا على سلطان كل الأشياء. وعندما أطعم جمعًا غفيرًا من قليل، ومن تلقاء ذاته قدم الكثير من العدم، فأكل خمسة آلاف نفس من خمسة أرغفة وشبعوا وفضل عنهم الكثيرة. ألم يُظهر ذاته بأنه هو الرب نفسه الذي يشمل كل الأشياء بعنايته؟!
No comments:
Post a Comment