Translate

Wednesday, April 22, 2020

هل محمد هو الروح القدس؟

يتحدث الكتاب المقدس عن المُعزي الذي يأتي بعد المسيح، ومحمد هو الذي أتى بعد المسيح، فإن محمداً هو الروح القدس! فلماذا لا تؤمنون به؟!!
الإجابة:
هل الفار قليط هو محمد؟
هناك ثلاثة دواع رئيسية فرضت علي علماء المسلمين المجاهرة بمثل هذه المزاعم والتأكيد علي أن الكتاب المقدس قد تنبأ بمجيء محمد:
أولا: لأن سورة الصف (61: 6) تدعي أن محمد قد ذكر اسمه في الإنجيل، وزعموا أن عيسى أبن مريم قد قال:"إذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا بما يدي من التوراة ومبشرا برسول من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينت قالوا هذا سحر مبين".
ثانيا: إن المسلمين يؤمنون بأن كلا من الكتاب المقدس والقرآن يقران بمجيء المسيح فالعهد القديم ملئ بالنبوات الواضحة عن مجئ المسيح والتي تحققت بحذافيرها في العهد الجديد، كما نصت عليه الأناجيل ورسائل الرسل، فكان هذا التحقيق أبلغ شاهد علي صحة الكتاب المقدس. و القرآن نفسه يشهد بأبلغ بيان لمجيء المسيح ورسالته، وإن كان ينفي صفته اللاهوتية. غير أن اليهود أو المسيحيين ينكرون وجود نبوءة واحدة أو حتى عبارة ما في التوراة أو الإنجيل تنبئ بمجيء محمد أو تشير من بعيد أو قريب إلي رسالته. لهذا أنكب العلماء المسلمون بكل اجتهاد علي البحث بين أسفار الكتاب المقدس لعلهم يعثرون علي أية نبوة تصادق علي دعواهم وتضفي صفة الشرعية علي نبوءة محمد في عيون أهل الكتاب.
ثالثا: إذا صح وجود مثل هذه النبوات، يضحي من الواجب علي اليهود والنصارى أن يذعنوا لرسالة محمد ويعترفوا به نبيا بل عليهم أن يعتنقوا الإسلام دينا من حيث هو، كما يدعون، آخر الإعلانات الإلهية وأكملها وأفضلها لصالح الجنس البشري.
عندما نتأمل في الآيات المذكورة أعلاه لا بد لنا أن نتوقف عند بعض المصطلحات والعبارات التي من شأنها أن تلقي أضواء علي بعض هذه القضايا لأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة البحث، ولأن وجودها أساسي في تفنيد ادعاءات العلماء المسلمين ومزاعمهم.
أولا: إن اصطلاحي "الآب" و"والأبوة" المعزوين إلي الله عرضه لاستنكار المسلمين "فالآب" هو الأقنوم الأول من الثالوث الإلهي، وهو أمر مرفوض في اللاهوت الإسلامي، ومن التجديف أن ندعو الله "بالآب". أما المسيح الكلمة لوجوس فهو الأقنوم الثانى من هذا الثالوث كما هو في الوقت نفسه أبن الإنسان، و"الأبن" هذا هو الذي طلب من الآب أن يرسل (الفارقليط) أي الروح القدس الذي يشكل الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس.
ثانيا: تعني لفظة (الفارقليط): المعزي، المعين، المدافع، المشير، وليس "محمدا" كما يزعم العلماء المسلمون. أن العبارة الواردة في يوحنا 14:15" (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) وسيعطيكم (فارقليطا) معزيا آخر "تتضمن حقيقة ذات مغزى لأننا إذا افترضنا جدلا أن معناها "محمد" فأن ذلك يولد مشكلة خطيرة للمسلمين، أو كما يقول جلكرست: إن كان المسيح كما يزعم المسلمون قد أنبأ بمجيء محمد بذكر ذات اسمه، فإن الآية (حسب التفسير القرآني) القرآنية يجب أن تقرأ: "وأنا أطلب من الآب أن يعطيكم (محمدا) آخر".
إن مثل هذا التأويل يتعارض مع العقيدة الإسلامية لأنه يدعو إلي وجود "محمدين" سبق أحدهما الآخر، وهو أمر يستنكره المسلمون أشد الاستنكار.
ثالثا: وعلي النقيض التفسير الإسلامي الشائع، فإن هذه الآيات تتفق كليا مع المفهوم المسيحي لعقيدة الروح القدس. فالمسيح إبان حياته الأرضية كان المعزي الأول الذي شجع قلوب حوارييه وملأها بسلامه. ولكن بعد صعوده إلي السماء أرسل إليهم (الفارقليط) الروح القدس ليعزيهم ويمكث معهم إلي الأبد. فإذا كان (الفارقليط) هو "محمد" حقا لتوجب عليه أن يمكث في الحواريين إلي الأبد، وهو أمر لم يحدث قط. وإذا فرضنا أن هذه العبارة تشيرالى الرسالة الاسلامية فان ذلك يعنى أن الكنيسة المسيحية ظلت من غير (فارقليط) منذ أيام المسيح حتى ظهور الإسلام والدعوة الإسلامية. أضف إلي ذلك أن الكنيسة المسيحية لم تعترف في يوم من الأيام بصدق نبوة محمد أو صحة دعوته.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه لو كان محمد هو (الفارقليط) لاقتضى علي الكنيسة أن تؤمن به حتى لو رفضه العالم كله، لأن الآية تقول: "…روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه ؛ وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم ". (يوحنا 14: 17) والواقع أ ن هذا الأمر لم يحدث في تاريخ الكنيسة.
رابعا: خاطب السيد المسيح في الآيات المذكورة أعلاه حوارييه، فقد كان يعالج مشكلات آتية كان حوارييه يتعرضون لها في حقبة هي من أشد حقب تأسيس الكنيسة صعوبة وضيقا. واجه الحواريون بعد صعود السيد المسيح إلي السماء ظروفا مستجدة إذ وجدوا أنفسهم طائفة فقيرة، ضعيفة منبوذة في مجتمع عدائي، فكانوا أحوج ما يكونون إلي معز (فارقليط) يشدد عزائمهم في إثناء أيام الاضطهاد الحالكة. لهذا، فقد وقف بطرس الرسول في "يوم الخمسين" بعد أن امتلأ من الروح القدس (الفارقليط) وهتف في وسط الجماهير المحتشدة: " وأذ أرتفع (السيد المسيح) بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس (الفارقليط) من الآب سكب هذا الذي أنتم تبصرونه وتسمعونه".
فهل كان محمد هو الروح القدس الذي سكبه السيد المسيح علي حوارييه في يوم الخمسين؟
خامسا: نقرأ في (يوحنا 15: 26 - 27) عن (الفارقليط)، كما ورد علي لسان السيد المسيح: "…فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معي من الابتداء".
وهذه العبارة لها مغزاها الهام لأننا نري هنا أن (الفارقليط) يشهد للسيد المسيح ولكل ما صدر عنه من قول وفعل ومن جملتها عقيدة ألوهيته، وموته، وقيامته، وذلك لأن (الفارقليط)، أي الروح القدس كان مع الكلمة لوجوس منذ الأزل من حيث هو الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس. كذلك يشهد الحواريون أيضا للسيد المسيح لأنهم كانوا معه من بداية خدمته الأرضية. وهكذا فإن السماء والأرض تشهدان للسيد المسيح. ومن هنا نري أن (الفارقليط) هو حقا الروح القدس ولا يمكن أن يكون محمدا لأن محمدا لم يكن مع الآب والكلمة اللوجوس منذ الأزل.
يقول ر. ف تاسكر: علي الرغم من عداوة العالم فإن شهادة الحق كما تجسدت في المسيح ستستمر معلنة كما كانت بعد صعوده، عن طريق المعزي (الفارقليط) الذي أرسله الآب بطلب من المسيح المقام، وعن طريق الرسل أيضا الذين كانوا مع يسوع منذ بدء خدمته.
إن شهادة المعزي (الفارقليط) وشهادة الرسل هما في الواقع شهادة واحدة. وشهادة شهود العيان علي خدمة يسوع التي أعلنت بوحي من الروح القدس لها أهمية عظمى ودائمة، لأن الرسل هم الصلة الوحيدة بين المؤمنين اللاحقين والمسيح التاريخى من واجب المعزي الأساسي أن لا يدع الإضطهادات والمقاومات تعيق هذه الشهادة.
سادسا: نجد في الآيات الأربع المقتبسة في مستهل هذه الدراسة أن مصطلحات "المعزي" و"الروح القدس"، و"روح الحق" قد استخدمت بصورة تبادلية في سياق أحاديث السيد المسيح وتعاليمه، ومن الواضح أنه كان يتكلم عن كائن واحد مستخدما مصطلحات مختلفة وكلها تشير إلي نفس الشخص (الفارقليط).
ومن البين أن (الفارقليط) لم يكن كائنا بشريا بل روحا مع أن السيد المسيح قد استخدم صيغة المذكر في كل مرة أشار فيها إلي "الروح القدس" (الفارقليط). ولم يكن هذا بالأمر الغريب، فإن الأسفار المقدسة والقرآن نفسه قد أشارت جميعها إلي الله بصيغة المذكر في كل مرة ورد اسمه في سياق النص، علما أن الله كما هو واضح من الكتب المقدسة هو روح وليس كيانا ماديا.
ولكن كل ما أشرنا أليه سابقا ليس سوي لمحة عابرة عن الحقيقة كم تجلت بكل وضوح في كتاب الله الصادق الأمين. ولكي تكتمل الصورة في أذهاننا ونستوعب طبيعة (الفارقليط) أي الروح القدس، لا بد لنا عن البحث في أصل هذه الكلمة كما وردت في النص الإنجيلي، لاستكشاف ما هي وظائف الروح القدس كما أثبتها السيد المسيح نفسه.
تعود هذه اللفظة paracletos في أصلها إلي اليونانية كما كانت شائعة في عصر السيد المسيح وحواريه. وقد وردت في جميع مخطوطات إنجيل يوحنا السابقة لظهور الإسلام بقرون علي هذه الصيغة، ومعناها: المعزي، المشير، المدافع، وطبعا الروح القدس، وروح الحق، وليس كما يدعي المسلمون أنها وردت علي صيغة periklutos ومعناها: الشهير، المعروف، المحمود، المجيد، النبيل، الممتاز. (راجع The Classic Greek , Dictionary by George R. Berry. (Published by Follet Publishing Co - Chicgo II 1956
أى أن هذه اللفظة هى صفة ولم تستخدم قط كإسم علم. بمعنى آخر أنها لايمكن أن تكون إسما لعلم كما عربها المسلمون وزعموا أنها تشير ألى صاحب الدعوة الإسلامية. فهى ليست "أحمد" وليست "محمد" أو "محمود" كإسم علم بل صيغة صفة كقولنا رجل شهير أو معروف أو محمود الخصال. ثم لو صح أنها إسم لعلم فإن "أحمد" ليس "محمدا" لأنك إن ناديت "أحمد" لن يجيبك "محمد" بل من اسمه "أحمد" مع أنهما مشتقان من نفس الجذر. فعملية التعريب التى قام بها المسلمون حين استخدموا لفظة Periklutos بدلا من اللفظة الحقيقية Paracletos هى إقحام وانتحال على اللغة، الهدف منها تأصيل نبوة محمد بالإستناد إلى نبوات كتابية كما يدعون. إن القول أن "أحمد" هو "محمد" عملية إنتحالية. لأن تحويل "أحمد" إلى "محمد" لا مبرر لغوى له. كما أنه لا أصل له فى لفظة Paracletos التى استخدمها السيد المسيح فى مختلف إشاراته إلى الروح القدس. ونحن فى الواقع نربأ بأصحاب العقول المفكرة من أصدقائنا المسلمين أن يعصف بهم التعصب فيغشى رؤياهم ويحول بينهم وبين الوقوف عند الحق الإلهى.
ونود هنا أن أؤكد لكل المسلمين قاطبة أن لفظة Periklutos هذه لم ترد فى أية مخطوطة من مخطوطات العهد الجديد فى أى عصر من العصور السابقة لظهور الإسلام أو التالية له. هذه حقيقة على جميع علماء المسلمين أن يدركوها ويفوها حقها من البحث والدرس، بل إننا نحث المتشككين منهم أن يعنوا بدراسة المخطوطات القديمة. للإطلاع على صحة هذه الوثائق بأنفسهم شأن الباحثين المدققين من العلماء المخلصين. إن (الفارقليط) كما أشار إليه إنجيل يوحنا، هو الروح القدس أى الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس، ولم يحدث قط أن زعم محمد أنه هو الروح القدس، لأن الروح القدس طبقا للنص القرآنى و الحديث هو الملاك جبرائيل حامل الوحى. ومن حيث أن مصطلحات معز، ومعين، ومشير، والروح القدس، قد استخدمت بصورة تبادلية فى النصوص الإنجيلية كما أشرنا سابقا، أصبح لزاما علينا أن نقتبس أهم الآيات التى تبرز لنا بوضوح وظائف (الفارقليط) لنرى أن كانت هذه الوظائف تنطبق على شخص محمد.
ا- فى ميلاد المسيح
قال الملاك لمريم العذراء: "الروح القدس (الفارقليط) يحل عليك وقوة العلى تظللك فكذلك المولود منك يدعى إبن الله". (لوقا 1: 34).
لنقرأ هذه الآية كما يريدنا المسلمون أن نقرأها: "المحمد يحل عليك وقوة العلى إلخ…".
أكان "محمد" هو الذى حل على مريم فحبلت بالسيد المسيح، وكان المولود منها إبن الله؟!! وهل مثل هذا الكلام مما يقبله العقل ويتفق مع ما نعرفه من الحقائق التاريخية الموثوق بها، فمحمد لم يكن فى عالم الوجود فى زمن مولد السيد المسيح أو حين حل الروح القدس على مريم، حتى لو طبقنا لفظة Periklutos وليس Paracletos على الآية عينها.

No comments:

Post a Comment

القديس كيرلس الاورشليمي وقانونية سفر الرؤيا وبقية اسفار العهد الجديد

  في البدايه تعريف بمن هو القديس كيرلس من كتاب سير القديسين القديس كيرلس أسقف أورشليم (القديس كيرلس الأورشليمي)   قس الموعوظين: Κύριλλος Α΄ ...