Translate

Sunday, April 26, 2020

ما معنى أن المسيح يصلى وأنه يتعب؟


سؤال: هل ضد لاهوت المسيح، أنه كان يصلى، وأنه كان أحيانًا يتعب؟ كيف نفسر صلاته وتعبه وأمثال تلك الأمور؟
سؤال: لمن كان يصلى يسوع المسيح ولمن كان يسجد بينما هو الله؟

أصحاب هذا السؤال يركزون على لاهوت المسيح، وينسون ناسوته!

إنه ليس مجرد إله فقط، وإنما أخذ طبيعة بشرية مثلنًا، ناسوته كاملًا، بحيث قال عنه الكتاب إنه شابهنا في كل شيء ماعدا الخطية (عب 2: 17). ولولا أنه أخذ طبيعتنا، ما كان ممكنًا أن يوفى العدل الإلهي نيابةً عنا.

إنه صلى كإنسان، وليس كإله..

لقد قدم لنا الصورة المُثلى للإنسان. ولو كان يقدم لنا ذاته مثالًا لذلك صلى..

وفي صلاته علمنا أن نصلى، وعلمنا كيف نصلى.

وأعطانا فكرة عملية عن أهمية الصلاة وقيمتها في حياتنا الصلاة.. وفى بعض صلواته – كما في بستان جثسيماني، عرفنا كيفية الجهاد في الصلاة (لو 22: 44).

ولو كان المسيح لا يصلى، لاعتبرت هذه تهمة ضده، ولاعتبره الكتبة والفريسيون بعيدًا عن الحياة الروحية، وصار لهم بذلك عذر أن لا يتبعوه، إذ ليست له صلة بالله!

وبنفس الطبيعة البشرية كان يتعب ويجوع ويتألم.

لأنه لو كان لا يتعب ولا يجوع ولا يعطش ولا يتألم، ولا ينعس وينام، ما كنا نستطيع أن نقول أنه ابن للإنسان،  وإنه أخذ لنا، وأخذ نفس الطبيعة المحكوم عليها بالموت، لكي بها ينوب عنا في الموت، يفدى الإنسان..

وإنه لم يتعب كإله. فاللاهوت مُنَزَّه عن التعب.

ولكن هذه الطبيعة البشرية التي اتحد بها لاهوته، والتي لم ينفصل عنها لحظة واحدة ولا طرفة عين، هي التي تعبت، لأنها طبيعة قابلة للتعب.. والسيد المسيح لكي يكون تجسده حقيقة ثابتة، يمكنها القيام بالفداء، سار على هذه القاعدة:

لم يسمح أن لاهوته يمنع التعب عن ناسوته.

وذلك لكي يدفع ثمن خطايانا، ويكفر عن خطايا الشعب (عب 2: 17). ونحن نشكره إذ تحمل التعب والألم لأجلنا.
وبتعبه قدس التعب، وصار كل إنسان يكافأ (1كو 3: 8).

ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم


سؤال: ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(البقرة:120)هذه الايه تثبت عدم صحه كتبكم وانها منسوخه، وان دين الله هو الاسلام
اقرأ مثلًا هذا التغيير في الآية (على سبيل الفهم وليس تغيير النص بالطبع) واخبرني هل توافق عليه أم لا
للمسيحيين: ولن ترضى عندك اليهود ولا المسلمين حتى تتبع ملتهم
لليهود: ولن ترضى عندك المسلمين ولا النصارى حتى تتبع ملتهم

فهذا أمر منطقي جدًا وليس اكتشاف! فأصحاب كل دين يرون أنهم أصحاب الدين الصحيح.. هذا أمر طبيعي جدًا، وإلا لماذا يتبعونه من الأساس! هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنه حتى الأديان الجامعة مثل البهائية مثلًا التي تؤمن بالإنجيل والقرآن وما سبقهم.. إلخ، يرون أنهم هم الأصح..

ثانيًا، قلت أنها إثبات عدم صحة كتبكم.. وفي هذا الكلام أكثر من مغالطة..


فمن ناحية، الكلام المذكور هذا مكتوب في كتابك أنت، أو كتاب الله كما تراه أنت.. وليس في الكتاب المقدس.. فهو مجرد تعبير عن إيمانك أنت، وأنت وحدك المُطالَب به.. وكلامك هذا يشبه أحدًا يُحاكَم في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب أمرٍ ما، ثم يأتيهم بالدفاع من قانون من قوانين المملكة العربية السعودية مثلًا!! فلا قيمة لذلك القانون في دولة أخرى..
أما المغالطة الثانية، فهي قولك: "كتبكم".. فهي ليست كتبنا، بل كتاب الله عز وجل!
وحول الموضوع الطريف الذي تحدث عن "نسخ الكتب".. ففي المسيحية يا عزيزي الله لا ينسخ نفسه!! حاشا! الله كلامه واحد عبر العصور، إنه ليس إنسان حتى ينسى ما قاله سابقًا، أو ينادي بعكس وصاياه السابقة! إن ما تقوله هو هجوم صريح على قدسية كلام الله عز وجل! حاشا!


وأخيرًا حول موضوع "عدم صحة الكتاب المقدس" هذا، فهو أيضًا كلام مُرسَل ضد الواقع والتاريخ، قبل أن يكون ضد العقل والمنطق..  لأن ما تقول هو اتهام صريح لله بالعجز عن الحفاظ على كلامه القدوس! حاشا!

إن كان الموت هو عقوبة للخطية، والرب قد رفع عنا هذه العقوبة في ذبيحة الصليب، فلماذا إذن مازلنا نموت؟



الموت حاليا ليس عقوبة..
و نحن نقول في الصلاة على الراقدين "لأنه ليس موت لعبيدك، بل هو انتقال". ولذلك قال الرسول متعجبًا "أين شوكتك يا موت؟! " (1كو 15: 55).
الموت هو جسر ذهبي إلى حياة أفضل.

ينقل من حياة فانية إلى حياة باقية. وينقل من عشرة البشر الخطاة إلى عشرة الملائكة والقديسين. وينقل من الأرض إلى الفردوس. بل أكثر من هذا ينقل إلى الحياة مع المسيح، لذلك قال الرسول " لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح. ذلك أفضل جدًا " (في 1: 23).
الموت أيضًا هو الوسيلة التي تخلع بها الجسد المادي الفاسد.

و بهذا يصبح الخطوة الأولى لأمجاد الكنيسة فيما بعد، حيث نقوم بجسد ممجد، جسد نوراني روحاني سماوي، كما شرح الرسول في (1كو15). وقال "هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد. وهذا المائت يلبس عدم موت" (يزرع في هوان ويقام في مجد.. يزرع جسمًا حيوانيًا، ويقام جسمًا روحانيًا" (1كو 15: 43-53). إذن بالموت نتخلص من المادة وثقلها. فهو إذن ليس عقوبة.
وإن كان الله لا يسمح أن نموت، فمعنى هذا أن نبقى في عبودية المادة والفساد.
وأن نبقى على الأرض بدلا من السماء.. بل حتى العالم لن يتسع لكل الناس.

كيف الله يموت، يعطش، يتعب، ينام، يتألم..؟

سؤال: قيل عن المسيح إنه مات فهل الله يموت؟ وقيل إنه تألم (مت 16: 21)، وإنه جاع (مت 4: 2)، وإنه عطش (يو 19: 28). وإنه تعب (يو 4: 6). وإنه نام (لو 8: 23) فهل الله يتألم؟! وهل الله يجوع ويعطش، ويتعب وينام؟! وحينما كان ميتا أو نائما، من كان يدبر أمور العالم.

بديهي أن الله طبيعته الإلهية غير قابلة للموت.

و نحن نقول عن الله في الثلاثة تقديسات "قدوس الحي الذي لا يموت". ولا يمكن أن ننسب إلى الطبيعة الإلهية الموت. ولكن الذي حدث في التجسد الإلهي، أن طبيعة الله غير المائتة اتحدت بطبيعة بشرية قابلة للموت.

و هذه الطبيعة البشرية هي التي ماتت على الصليب.

انفصلت فيها الروح عن الجسد، ولكن اللاهوت ظل متحدا بالروح، ومتحدًا بالجسد، وهو حي لا يموت. ولذلك نحن نقول في صلاة الساعة التاسعة "يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة".

ولأننا لا نفصل الطبيعتين، نسب الموت إلى المسيح كله.

فالإنسان مثلا يأكل ويشرب. الجسد هو الذي يأكل، وليس الروح. والجسد هو الذي يشرب، وليس الروح. ومع ذلك نقول إن الإنسان هو الذي أكل وشرب، ولا نقول بالتحديد إن جسد الإنسان قد أكل.
كذلك في الموت: روح الإنسان لا تموت بل تبقى حية بعد الموت. ولكن الجسد هو الذي يموت بانفصاله عن الروح. ولا نقول إن جسد الإنسان وحده قد مات، بل نقول إن الإنسان قد مات (بانفصال روحه عن جسده). وكذلك في القيامة. إنها قيامة الجسد، لأن الروح لم تمت حتى تقوم. ومع ذلك نقول إن الإنسان قام من الأموات.

الطبيعة البشرية -المتحدة بالإلهية- هي التي ماتت. ولكن طبيعة الله لا تموت.
لو كان المسيح إلها فقط، غير متحد بطبيعة بشرية، فإن الموت كان خاصا بها. ونفس الوضع نقوله عن باقي النقاط.
الله لا ينام، ونقول عنه في المزمور إنه "لا ينعس ولا ينام" (مز 120).
و لكنه نام بطبيعته البشرية.. إلخ. ولكن طبيعته البشرية كانت متحدة بلاهوته اتحادًا كاملًا. فنسب ذلك أكل وشرب بطبيعته البشرية، تألم وتع بطبيعته البشرية.. إلخ. ولكن طبيعته البشرية كانت متحدة بلاهوته اتحادًا كاملًا.

أما عن عبارة "بكى يسوع" وباقي المشاعر البشرية.



فنقول إن الطبيعة البشرية التي اتحد بها، كانت تشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية. فلو كان بلا مشاعر، ما كان إنسانًا. وهو سمى نفسه "ابن الإنسان" لأنه أخذ طبيعة الإنسان في كل شيء، ماعدا الميل إلى الخطية. وكإنسان كانت له كل ما ينسب إلى الإنسان من مشاعر، ماعدا النقائص والخطاء.. وطبعا ليس في المشاركة الوجدانية خطأ. ليس في البكاء خطأ، بل هو دليل على رقة الشعور، وعلى الحب والحنو.

و ماذا إذن عن الصلاة؟
لو كان المسيح لا يصلى، لكانت رسالته عرضة للفشل، إذ يقولون عنه إنه غير متدين. وأيضًا ما كان يقدم قدوة صالحة لغيره في الفضيلة والحياة الروحية هو إذن -كإنسان- كان يصلى. كانت هناك صلة بين ناسوته ولاهوته. والصلاة هي صلة. صلة بين طبيعتنا البشرية، وبين الله.

معنى آية: أبي أعظم مني



هذه الآية لا تدل على أن الآب أعظم من الابن، لأنهما واحد في الجوهر والطبيعة واللاهوت.

وأحب أن أبيِّن هنا خطورة استخدام الآية الواحدة.

فالذي يريد أن يستخرج عقيدة من الإنجيل، يجب أن يفهمه ككل، ولا يأخذ آية واحدة مستقلة عن باقي الكتب، ليستنتج منها مفهومًا خاصًا يتعارض مع روح الإنجيل كله، ويتناقض مع باقي الإنجيل!

ويكفي هنا أن نسجل ما قاله السيد المسيح:

"أنا والآب واحد" (يوحنا30:10).

واحد في اللاهوت، وفي الطبيعة، وفي الجوهر. وهذا ما فهمه اليهود من هذا، لأنه لما سمعوه "أمسكوا حجارة ليرجموه" (يوحنا 31:10). وقد كرر السيد المسيح نفس المعنى مرتين مناجاته مع الآب، إذ قال له عن التلاميذ: "أيها الآب احفظهم في اسمك الذين أعطيتني، ليكونوا واحدًا كما أننا واحد" (يوحنا 11:17). وكرر هذه العبارة أيضًا "ليكونوا واحدًا"، كما أننا لاهوت واحد وطبيعة واحدة.

وما أكثر العبارات التي قالها عن وحدته مع الآب.

مثل قوله: "من رآني فقد رأى الآب" (يوحنا 9:14).

وقوله للآب: "كل ما هو لي، فهو لك. وكل ما هو لكن، فهو لي" (يوحنا 10:17). وقوله عن هذا لتلاميذه: "كل ما للآب، هو لي" (يوحنا 15:16).  إذن فهو ليس أقل من الآب في شيء، مادام كل ما للآب هو له..



وأيضًا قوله "إني أنا في الآب، والآب فيَّ" (ية11:14؛ 38،37:10)، وقوله للآب "أنت أيها الآب فيَّ، وأنا فيك" (يو21:17).. وماذا يعني أن الآب فيه؟ يفسر هذا قول الكتاب عن المسيح أن "فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو9:2).

إذن، ما معنى عبارة "أبي أعظم منى"؟ وفي أية مناسبة قد قيلت؟ وما دلالة ذلك؟

قال "أبي أعظم مني" في حالة إخلاءه لذاته.

كما ورد في الكتاب "لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله. لكنه أخلى ذاته، آخِذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس.." (رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 7،6:2).

أي أن كونه معادلًا أو مساويًا للآب، لم يكن أمرًا يحسب خلسة، أي يأخذ شيئًا ليس له. بل وهو مساو للأب، أخلى ذاته من هذا المجد، في تجسُّده، حينما أخذ صورة العبد. وفي إتحاده بالطبيعة البشرية، صار في شبه الناس..

فهو على الأرض في صورة تبدو غير ممجدة، وغير عظمة الآب الممجد.

على الأرض تعرض لانتقادات الناس وشتائمهم واتهاماتهم، ولم يكن له موضع يسند فيه رأسه (أنجيل لوقا 58:9). وقد قيل عنه في سفر أشعياء أنه كان "رجل أوجاع ومختبر الحزن.. محتقر ومخذول من الناس.. لا منظر له ولا جمال، ولا منظر فنشتهيه" (أش3،2:53). وقيل عنه في آلامه إنه "ظُلِمَ، أما هو فتذلل ولم يفتح فاه" (اش7:53).

هذه هي الحالة التي قال عنها "أبى أعظم مني".

لأنه أخذ طبيعتنا التي يمكن أن تتعب وتتألم وتموت.

ولكنه أخذها بإرادته لأجل فائدتنا، أخذ هذه الطبيعة البشرية التي حجب فيها مجد لاهوته على الناس، لكي يتمكن من القيام بعمل الفداء.. على أن احتجاب اللاهوت بالطبيعة البشرية، كان عملا مؤقتًا انتهى بصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب.. ولذلك قبل أن يقول: "أبي أعظم منى" قال مباشرة لتلاميذه: "لو كنتم تحبونني، لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب، لأن أبي أعظم مني" (يو28:14).

أي أنكم حزانى الآن لأني سأُصلَب وأموت. ولكنني بهذا الأسلوب: من جهة سأفدي العالم وأخلصه. ومن جهة أخرى، سأترك إخلائي لذاتي، وأعود للمجد الذي أخليت منه نفسي. فلو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون أني ماضٍ للآب.. لأن أبي أعظم مني.

أي لأن حالة أبي في مجده، أعظم من حالتي في تجسدي.

إذن هذه العظمة تختص بالمقارنة بين حالة التجسد وحالة ما قبل التجسد. ولا علاقة لها مطلقًا بالجوهر والطبيعة واللاهوت، الأمور التي قال عنها "أنا والآب واحد" (يوحنا 3:10). فلو كنتم تحبونني، لكنتم تفرحون أني راجع إلى تلك العظمة وذلك المجد الذي كان لي عند الآب قبل كون العالم" (يوحنا 5:17).

لذلك قيل عنه في صعوده وجلوسه عن يمين الآب إنه "بعدما صنع بنفسه تطهيرًا عن خطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي" (رسالة عبرانيين 3:1).

وقيل عن مجيئه الثاني أنه سيأتي بذلك المجد الذي كان له.

قال إنه "سوف يأتي في مجد أبيه، مع ملائكته. وحينئذ يجازي كل واحد حب عمله" (إنجيل متى 27:16). ومادام سيأتي في مجد أبيه، إذن فهو ليس أقل من الآب..

وقال أيضًا إنه سيأتي "بمجده ومجد أبيه" (لو26:9).
ويمكن أن تؤخذ عبارة "أبي أعظم مني" عن مجرد كرامة الأبوة.
مع كونهما طبيعة واحدة وللاهوت واحد. فأي ابن يمكن أن يعطي كرامة لأبيه ويقول "أبي أعظم مني" مع أنه من نفس طبيعته وجوهره. نفس الطبيعة البشرية، وربما نفس الشكل، ونفس فصيلة الدم.. نفس الطبيعة البشرية، ونفس الجنس واللون. ومع أنه مساوٍ لأبيه في الطبيعة، إلا أنه يقول إكرامًا للأبوة: أبي أعظم منى.
أي أعظم من جهة الأبوة، وليس من جهة الطبيعة والجوهر.
أنا -في البنوة- في حالة مَنْ يطيع.
وهو -في الأبوة- في حالة من يشاء.
وفي بنوّتي أطعت حتى الموت، موت الصليب (في8:2).

ما بين "أشجار البكا" و"بكة" (مكة)


سؤال: هل ورد إسم مكة فى الكتاب المقدس؟

كتب الدكتور زغلول النجار(1) في مقاله الأسبوعي عن أسرار القرآن تحت عنوان "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل"، وقد تناول فيه شرح الآية 157 من سورة الأعراف ثم عرج إلى الكتاب المقدس واتخذ من قول المزمور (سفر المزامير 84: 6) "عابرين في وادي البكاء، يصيرونه ينبوعا"، ما زعم أنه نبوة عن ذكر اسم "مكة" في الكتاب المقدس!! فقط لمجرد التشابه في الاسم، بمبدأ مكيافيلي Machiavellian هو "الغاية تبرر الوسيلة"!! وذلك دون مُراعاة لحقيقة النص العِبري الأصلي، ونطقه، ومعناه، وقرينته، وبقية سياق الكلام، ومضمون المزمور ككل.. معتمدًا فقط على أن بعض الترجمات الإنجليزية ترجمة كلمة "البكاء" إلى اسم عَلَم وبدأت الكلمة بحرف كبير "Baca" باعتبارها تشير إلى اسم علم هو "وادي البكاء" The valley of Baca!!

وفي تأويله للنص، على هواه، معتمدًا على الإدعاء الكاذِب؛ أن اليهود قد يكونوا قد حَرَّفوا النص!! وضع دائرة حمراء حول كلمة "البكاء" وكتب فوقها بخط يده وباللون الأحمر "وادي بكا"، كما وضع دائرة أخري حمراء على الترجمة الإنجليزية حول كلمة "Baca"، ليوحي للقارئ بما توهمه وتخيله هو وكتب فوقها باللون الأحمر كلمة "مكة"!! بل وزاد الطين بلة عندما حَرَّف هو نفسه الكلمة الإنجليزية، وأضاف عليها حرف (C) وحول الكلمة الإنجليزية إلى (Bacca) بدلًا من (Baca) ليعطي إيحاء للقارئ بمدى التحريف في النص والذي حَرَّفهُ هو بنفسه!! وهذا هو أسلوب أستاذ الإعجاز العلمي!! وهكذا يحرف معاني كلمات الكتاب المقدس ليحاول أن يثبت زورا بلي عنق النصوص وتحريفها إلى هدفه!! وهكذا يكون الإعجاز العلمي!! والغريب أنه دائم الاتهام للكتاب المقدس بالتحريف!! وكان قد سبق وتعرض في مقال سابق لنفس الآيتين الواردتين بالمزمور المذكور وقال بالحرف: "ولكن في الترجمة إلي اللغة العربية تم تحريف (وادي بكة) إلي (وادي البكاء) كما تم تحريف التعبير (حج بيتك) إلى (طرق بيتك) أي بيت الله، هكذا دون سند ولا دليل إلا ما يصوره له خياله العلمي!! ويبدوا أن لا يرى بيت لله سوى ما يؤمن هو فقط أنه بيت الله!! ولا يرى غير ذلك!!

والغريب أن الكثيرين من الكتّاب أخذوا قوله هذا كحقيقة مُسَلَّم بها وآمنوا بها وكأنها نازلة من السماء!! وانتشر كلامه هذا في عشرات المواقع على النت والكتب التي تغرق المكتبات بل والأرصفة!! لما لا وقد قاله صاحب الإعجاز العلمي الشهير!! ولكنّا نقول له وللجميع: لقد جَانَبَكَ الصواب، كالعادة، عندما تبحث في كتابنا المقدس، فكتابنا له عِلمه ولغاته ومنهجه وعلماءه، وبالطبع أنت لست منهم، فلا ترفس مناخس. وتعالى معنا الآن بمبدأ "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " (سورة النحل 43؛ سورة الأنبياء 7)، لتعرف كيف يُفْهَم الكتاب المقدس:


1 – يقول المزمور(84: 6) " عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا" وجاءت العبارة الأولى "עֹבְרֵי, בְּעֵמֶק הַבָּכָא - عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ" في ترجمتها اليونانية السبعينية:

"ἐν τῇ κοιλάδι τοῦ κλαυθμῶνος = في وادي (ἐν τῇ κοιλάδι) البكاء (τοῦ κλαυθμῶνος) " وتترجم في الإنجليزية: " Passing through the valley of weeping " وفي العربية: " عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ "، كما تترجم أيضًا "the valley of balsam-trees - وادي أشجار البلسان" وقد ترجمتها بعض الترجمات الإنجليزية "The valley of Baca" بنقل الحروف العبرية إلى ما يقابلها في الإنجليزية (בָּכָא - Baca)، كما يحدث عادة في نقل أسماء الأعلام من منطلق أنها اسم علم لوادي البكاء، فهو ودادي كان معروفًا بهذا الاسم "وادي البكاء".

2 – أما كلمة " الْبُكَاءِ " هنا فقد وردت في العبرية: "בּכא - bâkâ' - baw-kaw'" وتنطق "بخا" وقد وردت في قاموس "نيو براون"(4) بمعني " شجر بلسم، والفعل منها في العربية "بكاء"، كما تعني أيضًا الذي يعطي لبن جمل قليل، أي "نقط من اللبن". أي أنها تعني بلسم وبكاء ولبن جمل قليل.

3 - والكلمة كما وُرِدَت بالنص العبري والتي تعني البكاء (בָּכָא) وتُنْطَق "بخا" مكونة من حرف الباء (בָּ) وتحته حركة (الفتحة)، ثم حرف الخاء (כָ) وتحتها فتحة أيضًا، وإذا كان في وسط الحرف نقطة تُلْفَظ (كاف) وبدون نقطة تُلْفَظ (خاء)، ثم حرف الألف )א) بدون حركات تنوين فتصبح الكلمة هكذا (בָּכָא) وتلفظ (بَخَا) وليس (بَكَّةَ) كما يزعمون خاصة إن الكلمة تنتهي بحرف الألف وهذا شكله (א - أ) وليس بحرف الهاء بهذا الشكل (ה - ه).

وهذا نص الآية باللغة العبرية: مزمور 84: 6 أو الآية 7 حسب النص العبري:

"עֹבְרֵי, בְּעֵמֶק הַבָּכָא מַעְיָן יְשִׁיתוּהוּ;גַּם-בְּרָכוֹת, יַעְטֶה מוֹרֶה".

أما كلمة مكّة فإنها بالآرامية (السريانية) تكتب هكذا (مَكِا) وتلفظ (ماكه) وتعني بالعبرية "ضارِب" أو "قاتل". أما كلمة مكّة بالعبرية فإنها تكتب هكذا (מֶכָּה) وتلفظ بحسب اللغة العبرية (مه كاه) وأحرف الكلمة هي حرف الميم (מֶ) وتحتها حركة اسمها باللغة العبرية الكسرة الممالة القصيرة (سيجول סגול) رمزها مع حرف الميم هكذا (מֶ)، ثم حرف الكاف (כָּ) مفتوحة لكن بداخلها نقطة وهي الشدة الخفيفة واسمها هذه الشدة (داجيش كل דגש קל) وهذه الشدة تأتي مع ثلاثة أحرف فقط وهي (باء، كاف، باء). والحرف الأخير في كلمة مكّة هو الهاء (ה) وهو بدون حركات.

والآن لننظر إلي الفارق بين كلمة (بَخَا - בָּכָא) والتي تعني بكاء أو شجرة البلسان والتي وردت في الآية هنا وكلمة (מֶכָּה - مه كاه) العبرية والتي تعني (مكّة) والتي تخيلها وتوهما دكتور الإعجاز ومَنْ تبعه فهل يوجد شبة بينهما بالشكل أو النطق أو حتى في أحد الأحرف!!!



4 – وقد وردت الكلمة أكثر من مرة واستخدمها الكتاب جمع بمعني "أشجار البكاء – הבכאים"، فسأل أيضا داود من الله فقال له الله لا تصعد وراءهم تحوّل عنهم وهلم عليهم مقابل أشجار البكا "הבכאים". وعندما تسمع صوت خطوات في رؤوس أشجار البكا "הבכאים" فاخرج حينئذ للحرب لان الله يخرج أمامك لضرب محلّة الفلسطينيين (1أخ14: 14و15). وأيضًا: "فسأل داود من الرب فقال لا تصعد بل در من ورائهم وهلم عليهم مقابل أشجار البكا "הבכאים" وعندما تسمع صوت خطوات في رؤوس أشجار البكا "הבכאים" حينئذ احترص لأنه إذ ذاك يخرج الرب أمامك لضرب محلّة الفلسطينيين" (2صم5: 23و24). والكلمة هنا جمع "הבכאים – ها بخيم" و"ה" أداة التعريف، و"בכא" شجرة البكاء، و"ים" حرفي الجمع.

5 – كانت عبارة "وادي البكاء" تشير إلى هذا الوادي بالذات الذي عُرِفَ بهذا الاسم لأنه كانت تكثر به "أشجار البكاء" أو "أشجار البلسان"، وكان يعبر عن الاسم بكلمة واحدة كما ورد أعلاه في سفريّ صموئيل وأخبار الأيام. و البلسان هو شجر ينتج مادة ذات رائحة زكية و لها خصائص علاجية مشهورة و نعرفه في مصر باسم البلسم.

6 – ويرجع أصل تسمية ذلك المكان بوادي البكاء سفر القضاة: "وصعد ملاك الرب من الجلجال إلى بوكيم (הבכים – Bochim = الباكين - the weepers) وقال. قد أصعدتكم من مصر وأتيت بكم إلى الأرض التي أقسمت لآبائكم وقلت لا أنكث عهدي معكم إلى الأبد. وأنتم فلا تقطعوا عهدا مع سكان هذه الأرض. اهدموا مذابحهم. ولم تسمعوا لصوتي. فماذا عملتم. فقلت أيضًا لا أطردهم من أمامكم بل يكونون لكم مضايقين وتكون آلهتهم لكم شركًا. وكان لما تكلم ملاك الرب بهذا الكلام إلى جميع بني إسرائيل أن الشعب رفعوا صوتهم وبكوا (ויבכו – wept = بكوا). فدعوا اسم ذلك المكان بوكيم (the weepers - Bokim - בכים). وذبحوا هناك للرب" (قض2: 1 -5). وكان هذا الوادي يقع شمال وادي هنوم، وهو وادي مجاور لجبل الهيكل بأورشليم، كان يمثل المرحلة الأخيرة في السفر للآتين من أنحاء أرض الموعد، الشمال والغرب والجنوب لزيارة بيت الرب في أورشليم والذي هو هيكل سليمان وليس أي مكان آخر.



7 - وقد استخدم الوحي الإلهي -على لسان كاتب المزمور- الجناس اللفظي الواضح بين اسم "وادي البكاء" و البكاء، فقال: "عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعًا" ليشير بذلك إلى دموع الشوق والتوبة في أعين جموع الآتين إلى أورشليم في العيد لكي يتعبدوا للرب في بيته، أي في هيكله بأورشليم. ويؤكد بشكل قاطع أن بيت الله المقصود هنا هو هيكل سليمان وليس أي مكان أخر في قوله: " عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعًا. أيضا ببركات يغطون مورة يذهبون من قوة إلى قوة. يرون قدام الله في صهيون " (مز84: 6و7). كما أن الذين كتبوا المزمور بالروح القدس هم بني قورح، وهؤلاء كانوا جماعة من مرتلي الهيكل الذين نظمهم داود النبي، ومن الطبيعي أنهم يترنمون بالعبادة في الهيكل، هيكل الرب في أورشليم الذين كانوا من ضمن أنبيائه بالروح.

معنى آية: أما أعدائي فاذبحوهم قدامي


سؤال: في مثل الوزنات قال السيد المسيح له المجد "هاتوهم وأذبحوهم قدامي". أريد تفسير وافي لهذه الأية. وشكرا والرب معكم
سؤال: "اما اعدائي اولئك الذين لم يريدوا ان املك عليهم فاتوا بهم الى هنا و اذبحوهم قدامي" من هم المقصودين هنا كاعداء المسيح حيث البعض يقول انهم الشياطين فهل هذا صحيح ومتى يتم هذا الامر


حينما نتحدث عن آية من الكتاب. لا نستطيع أن نفصلها عن روح الكتاب كله، لأننا قد لا نفهمها مستقلة عنه.

فلنضع أمامنا روح الإنجيل، ورسالة المسيح التي ثبتت في أذهان الناس. ثم نفهم تفسير الآية في ظل المفهوم العام الراسخ في قلوبنا. ولا ينبغي أن نعتمد على آية واحدة أو جزء من آية، بدون وضع السياق والزمن الذي قيلَت فيه، ومَنْ القائل، ولِمَنْ.. إلخ.

رسالة السيد المسيح هي رسالة حب وسلام: سلام مع الله، وسلام مع الناس: أحباء وأعداء. وسلام داخل نفوسنا بين الجسد والعقل والروح.

ورأينا أيضًا عندما انفعل بطرس وقت القبض على السيد المسيح وأخذ آلة حادة كانت معه وضرب أذن ملخس عبد رئيس الكهنة، كيف انتهره السيد المسيح و"قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" (إنجيل متى 26: 52).

وكمقدمة ينبغي أن أقول إن الإنجيل يحوي الكثير من الرمز، ومن المجاز. ومن الاستعارات والكنايات، من الأساليب الأدبية المعروفة.
فبعد دعوة زكا العشار، ودخول السيد المسيح بيته، ينتهي الأمر بتوبة زكا العشار، وليس فقط توبته، بل إصلاح أخطاء الماضي كما يتضح من الآيات: "فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (إنجيل لوقا 19: 8-10).

"وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلًا، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ.

"فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي» (إنجيل لوقا 19: 11-27).

إذًا، يتضح من الأمر أن هذا أولًا ليس وصية إلهية، بل مجرد كلام في مَثَل proverb لتقريب المعنى، وليس كلام حرفي.. وثانيًا الكلام جاء على لسان ذلك الإنسان صاحب المُلك، وليس كنص من كلام السيد المسيح نفسه كوصية للشعب أو للتلاميذ.. ولا يوجد حادثة واحدة في حياة السيد المسيح ولا التلاميذ ولا الآباء الرسل ولا ما بعدهم عن تنفيذ هذا الكلام، لأنه حتى أبسط شخص يقرأ هذا الكلام يعرف أنه مجرد مثل ورمز عن العقاب الأبدي في يوم الدينونة بعد نهاية العالم..

فهذا المثل يتحدث بصورة رمزية عن السيد المسيح، الذي صعد إلى السموات ليعد لنا مكانًا (يوحنا 14: 2)، وأعطى لكل البشر "عبيده" وزنات أو ما يجب عليهم عمله، ومسئوليات كل واحد منهم ومواهبه.. وهؤلاء العبيد هم كل البشر بدون استثناء.. لا يوجد أحد لم يأخذ وزنة. غير أن البعض تاجَر وربح، والبعض أهمل وزنته ولم يعمل بها. ثم هناك فترة اختبار على الأرض، يعقبها فترة المحاسبة وفترة المكافأة حسب عمل كل واحد.. ومعظم الأديان -على الأقل اليهودية والمسيحية والإسلام- تؤمن بمبدأ الثواب والعقاب، والملكوت (أو الجنة عند البعض) والنار الأبدية أو جهنم للأشرار..

فإن كان هذا هو إيمان هذه الأديان، فلماذا بعض الأخوة المسلمون يستخدمون هذه الآية كأنها معادلة لآيات الجهاد الإسلامي ضد الكفار؟! هذا يدل أولًا على عدم الدراية الكافية بالدين المسيحي، ولا طبيعة الله في المسيحية أن "اللهَ مَحَبَّةٌ" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 8، 16)، وأننا نحب الجميع، ولا نجاهد ضد أحد، بل نجاهد لأجل الناس في خدمتهم لكي يعرفوا الله عز وجل.. ونجاهد ضد سلطان الخطية خلال علاقة كل إنسان مع الله، ولا ندين أحدًا أو نحكم عليه.. بل نحب الجميع، بغض النظر عن السن أو العقيدة أو التوجه الطائفي أو الدين أو حتى اللادين..

هذا من جانب، ومن جانب آخر، العقاب الأخير هذا هو من صلاحية الله وحده عزّ وجل، فالله وحده هو "الدَّيَّانُ الْعَادِلُ" (سفر المكابيين الثاني 12: 5، 41؛ رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 4: 8)، وحتى الحديث الشريف على لسان رسول الإسلام محمد يتحدث بما معناه: "لا يأتي يوم القيامة إلا وينزل بينكم عيسى بن مريم حكمًا عادلًا وإمامًا مقْسِطًا"، والدينونة هي حق الله وحده.. فكل البشر الذين رفضوا بخطاياهم أن يملك المسيح عليهم، سيدانون أمام مجده يوم الدينونة، ويذبحون أي يموتون، ليس مرة واحدة بل يعانون الموت والعذاب إلى الأبد في النار الأبدية. ومن ضمن هؤلاء المُدانين اليهود الذين رفضوا المسيا الذي أتى في انتظار لرجل سياسي يجعلهم سادة العالم.. فقد نال -الذين لم يؤمنوا منهم- بالفعل عقاب رفضهم للسيد المسيح، مرة من خلال لعنتهم الأبدية بقولهم «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا» (إنجيل متى 27: 25)، ومرة من خلال مجيء الرومان الذين حاصروا بلادهم وذبحوا الغالبية العظمى منهم ودمروا الهيكل، وأسروا البقية الباقية من فلولهم، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. فعاشوا مُستعبدين مشردين منبوذين معزولين في كل مكان وفي كل زمان، وسيظلون هكذا إلى أن يقفوا في نهاية الزمان أمام الإله الديان فيقضي عليهم كما يقضي على جميع الأشرار بالهلاك الأبدي. هذا طبعًا لغير المؤمنين منهم، حيث آمن بالفعل الكثير من اليهود وقت السيد المسيح مثل التلاميذ وكثير من المؤمنين الجدد كانوا يهودًا، وأيضًا يؤمن البعض منهم عبر العصور، وسيتوب الكثير منهم في نهاية الأيام، وهي إحدى علامات نهاية العالم حسب إيماننا المسيحي..

فمن جانب هذا مَثل رمزي عن علاقة الإنسان بالله والحياة على الأرض ونهايتها والثواب والعقاب، ومن جانب فقد كان به جزء نبوي عما حدث لرافضي المسيا المُعاصرين له..

لقد أعطاك الله أمانة مثل باقي أولاده، فليتك تكون أمينًا في وقتك وقدراتك ومواهبك، وتعلَّم من المجاهدين حولك، حتى تتحمس مثلهم فتختبر عشرة الله على الأرض، ثم تفرح بالأكثر في السماء.. فمحبتنا لله والحياة معه ليست هي هربًا من العقاب الأبدي، بل "نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 19)، وكما تقول الترنيمة: "إني أحب الرب لا لأربح النعيم، ولا لكي أنجو من العذاب في الجحيم"..

فهم سفر النشيد

أسئلة حول سفر نشيد الأناشيد: أسئلة من أخوة مسلمين:-
هو كلام جنسي صريح.. هل تستطيع أن تقرأه أمام إبنتك البالغة.. إنه يتحدث عن الفخذ و السرة و الثدي، فهل هو كلام الله.. إن كان كلام الله، فهل لم يستطع أن يختر كلامًا آخر غير مُعثِر.. المشاهد الفاضحة للنصارى.. يحتوي على نصوص فاحشة وبذيئة جنسيًا.. هل تستطيع أن تقرأ السفر أمام أولادك.. إلى غير ذلك من الأوصاف والاتهامات.. كيف يكون سفر نشيد الأنشاد بين أسفار التوراة وهو يحوي كل هذه الأمور الجنسية والحسيَّة.. أو يضعون مقالات تحت عناوين مثل: الأدب الجنسي في الكتاب المقدس.. سفر نشيد الأنشاد الداعر.. السفر الفاحش.. أدب مكشوف إلخ.
سوف نقسِّم بحثنا هذا لثلاثة أقسام:-

الأول من القرآن الكريم، والثاني من الكتاب المقدس! والثالث لمن يريد الاستزادة.
أولًا: بخصوص القرآن الكريم:

1- أنت كمسلم تحاول فهم الكتاب المقدس من وجهة نظرك، بدون محاولة البحث في التفسير في المسيحية.. فهل تقبل أن يأخذ أحد بعضًا من آيات القرآن الكريم ويستخدمها في الهجوم على الإسلام بنفس المنطق؟! وذلك على طريقة "ولا تقربوا الصلاة"!!! هناك العديد من الآيات في القرآن الكريم والسنة والسنة النبوية والحديث الشريف التي لها طبيعة جنسية أيضًا! لن نندرج هنا تحت طائفة مهاجمي الإسلام، فقط نود توضيح نقطة هامة، وهي أنه يوجد في الإسلام نفسه الكثير من الأقوال التي قد تلتبس أو يخجل منها البعض (من وجهة النظر غير الإسلامية)..

استخدم البحث في القرآن الكريم للبحث عن كلمات مثل: "ما ملكت يمينك - يستنكحها - فروجهن - حور العين - ولدان مخلدون - أُنكِحَك - غلمان - نكاحًا..

فالنكاح لا يُقصَد به الزواج فقط، ولكنه يأتي ليعني العلاقة الزوجية، واللقاء الجنسي بصورة صريحة في مواضع عدة بمصطلحاتها المتعددة في الإسلام: الوطء أو الجماع أو الدخول أو المعاشرة..! وقد راسلنا بعض الأخوة المسلمون الأعزاء ردًا على كلمة "النكاح" بأنها تعني "الزواج" فقط لا غير، وليس ممارسة الجنس بصوره المختلفة.. ولكن إن كان هذا صحيحًا، فبماذا تفسير الأحاديث الشهيرة مثل: "لَعَنَ اللَّهُ نَاكِحَ يَدِهِ" (عون المعبود شرح سنن أبي داود - كِتَاب النِّكَاحِ - النكاح في اللغة)، أو ما ذكر بصيغة "سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة.. الناكح يده.." (سلسلة العلامة الألباني). بل هناك أيضًا حديث عن "نكاح البهيمة"!! لا أظن أنه يقصد الزواج كذلك! انظر ما هو مكتوب في كتاب "الْجَوْهَرَة النَّيِّرَة - النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول ": "النِّكَاحُ فِي اللُّغَةِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْوَطْءِ فَسُمِّيَ نِكَاحًا كَمَا سُمِّيَ الْكَأْسُ خَمْرًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ فِيهِ الْوَطْءُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ، لِأَنَّ الْأَمَةَ إذَا وَطِئَهَا الْأَبُ حُرِّمَتْ عَلَى الِابْنِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً) وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ. وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَعَنَ اللَّهُ نَاكِحَ الْبَهِيمَةِ».
ها هي بعض الآيات التي قد لا يفهما غير الدارسين، أو قد يأخذها البعض على القرآن، بفهم أو بدون فهم:
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" (سورة الأحزاب 50).
"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ" (سورة النور 31).
"وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم" (سورة النساء 25).
"فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.. يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ.. وَحُورٌ عِينٌ" (وصف الجنة من سورة الواقعة).
"وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا.. عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا. إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا" (من سورة الإنسان).
"إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ" (سورة القصص 27).
"وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ.. وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ.." (سورة الطور).
"وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا" (سورة النور 33).
"وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ" (سورة البقرة 221).
"فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ" (سورة البقرة 230).
"فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" (سورة النساء 3).
"وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء" (سورة النساء 22).
"الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ" (سورة النور 3).

إن النكاح هنا لم يرد فقط بمعنى الزواج، ولكنه أيضًا لفظ صريح وتام عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة.. ولك أن تبحث في ذلك في تفسيرات كبار مشايخ الإسلام. فتجده مرة يتحدث عنها كلفظ للزواج، وفي غيرها الكثير عن فِعل ممارسة الجنس نفسه..!

ولقد ورد في الأحاديث الصحيحة المحققة ألفاظٌ جنسية كثيرةٌ ولا تعتبر مستهجنة أو قبيحة عن: الجماع وما يصاحبه من مشاعر وأحاسيس وكيفية استمتاع كل عضو من أعضاء الجسد. بالإضافة لأحاديث عن أشخاص أجلاء في الإسلام بعينهم! وذلك في صحيح البخاري وصحيح مسلم.. بخلاف بعض الألفاظ التي تعتبر حاليًا شتائم صريحة جاءت بلفظها الصريح في أحاديث الرسول محمد رسول الإسلام، وكانت حينها أقل وطأة مما هي الآن، ولكنها كانت حادة على السمع حتى حينئذٍ..

وهناك الكثير والكثير من الألفاظ والتفاصيل والشروحات المُستفيضة في تلك الأمور وغيرها، مما يصبح غير مناسب وضعها هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت بسبب عدم مناسبتها للجميع من حيث السن، وأنت إن كنت مسلم بالتأكيد على دراية بها، أو تعرف كيف تصل إليها من مئات المواقع الإسلامية.. وإن كنت مسيحيًا فلا تهمك في شيء.

نحن لا نعترض على استخدامها في القرآن أو في الأحاديث النبوية أو غيره، ولكن فقط نوضح لك عزيزي زائر موقع الأنبا تكلا أنه يوجد في الإسلام أيضًا ألفاظ وكلمات وأوصاف حسيَّة لا تُرفَض.. فلماذا يكيل بعض البسطاء بمكيالين؟!

كمسلم، لك الحق أن تفهم تلك الآيات كما تريد، أو كما يرى علماء المسلمون.. ولكن لغير المسلم، فقد لا يفهمها مثلك! فإن كنت تطالبني بتفسيرك، فانظر إلى أسفاري المقدسة بتفسيري!



* نقطة نود توضيحها، ربما تساعد في توضيح الأمر: جميع المسيحيون رجالًا ونساءً يقبلون الكتاب المقدس كاملًا، شاملًا سفر النشيد بالطبع. ولكن بعض المسلمون لا يستطيعون قبول السفر.. فإن قمنا بعمل مقارنة بسيطة لما يحدث للإنسان بعد الدينونة (أي بعد يوم القيامة)، ما بين الإسلام والمسيحية.. فالإسلام يتحدث عن العلاقات الجسدية بين الرجال وحور العين، والولدان.. إلخ. أما في المسيحية، فنرى أن بعد القيامة يسمو الإنسان عن الجسد، ليعيش مع الله في عشرة مقدسة، يصحبه الأبرار والقديسون والملائكة.. فيقول السيد المسيح: "فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ" (متى 22: 30؛ مرقس 12: 25؛ لوقا 25: 30).

فربما هذا قد يوضح مشكلة الفهم للسفر ما بين المسيحيون وغيرهم.. ما بين الفهم الجسداني والفهم الروحاني بسبب طبيعة الدين.. ولك الحق في ذلك، لا نختلف معك، ولا نُقَلِّل من ما تؤمن به، فهذا إيمانك.. أما لدينا فمستوى "مختلف".. سواء في النظرة للحياة والموت، أو ما بعد الموت والحياة الأخرى وغيرها.. أتذكر في هذا القياس أننا نشرنا مقالًا هنا في موقع الأنبا تكلا وكان سؤالًا وتقول فيه السائلة: "أريد أن أصبح راهبة وأصير عروسًا للمسيح".. ففهم بعض البسطاء غير المسيحيين الأمر وكأن الأمر له علاقة بالجنس!! فكان علينا توضيح الأمر في نفس الصفحة..

وحدث كذلك عند نشرنا تفاصيل سر المعمودية المقدس، أن ترك البعض كل الروحيات الخاصة بالسر، وأمسكوا في الرشومات، وأخرجوا منها أفلامًا ومسرحيات حول ما يحدث للنساء في المعمودية! وكان علينا مرة أخرى في موقع الأنبا تكلاهيمانوت أن نوضح الأمر لئلا يلتبس على البسطاء.

2- نقرأ أيضًا في آلاف الكتب الإسلامية عن وصايا رسول الإسلام للنساء والكثير من الأمور الجنسية مثل: خرق الحيض، والمحائض وأحكام الحائض، و"إنزال الماء"، وبول الذكر وبول الأنثى، والغائط، وكيفية غسل الأرداف، والقبلة، ومباشرة النساء، وستر الفرج، وذكر فرج النبي في أحد الأحاديث عن السيدة عائشة: "حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن منصور عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي عن مولى لعائشة عن عائشة قالت... (منقول عن موقع الإسلام)" (وفي القرآن نفسه ذِكر لفروج الرجال كما ذكر سورة النور 30 كما أوضح د. محمد شحرور في كتاب الكتاب والقرآن)، وأولياء النكاح.. إلخ. ومن تلك الكتب الإسلامية للأدباء وكتَّاب وعلماء الإسلام: 150 من وصايا الرسول للنساء: إبراهيم الجمل - زواج المتعة: فرج فودة - مكانة المرأة في الإسلام: حمدون داغر - الجنس في القرآن: إبراهيم محمود - الحب والجنس في حياة النبي: بسنت رشاد - نساء حول النبي: نبيل عبد القادر الزين - المرأة والجنس: نوال السعداوي - الدعارة الحلال: عبد الله كمال - الحب والجنس والإسلام: كامل النجار - حدائق الجنس، فتاوى الشيوخ وفنون كتب التراث: محمد الباز - الوصايا في عشق النساء: أحمد الشهاوي - المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة: صالح الورداني - نساء في مواجهة نساء: عزة كرم - كبائر النساء وصغائرهن وهفواتهن: إبراهيم محمد الجمل... إلى غير ذلك من آلاف الكتب حول هذا الموضوع بالذات، وكلها ممتلئة بالأقوال والاستشهادات..

أليس كل هذا جزءًا من القرآن واستشهادًا به وبالأحاديث الشريفة؟!

فلتؤمن بما تؤمن به، من حقك.. ولك الحرية في اختيار ما تشاء.. وتفسير الأمر حسب رأي علماء الإسلام.. لن أقوم بتفسير كل هذا منطقيًا، أو حسب ما أراه منطقيًا من وجهة نظر ديني!! والمسيحية والكتاب المقدس كذلك، ينبغي أن يُنظَر إليها من وجهة النظر المسيحية وليست وجهة نظر أخرى!

3- ربما سوء الفهم له علاقة بموضوع علاقة الله بالإنسان ما بين الإسلام والمسيحية. ففي الإسلام من صفات الله أنه هو المنتقم الجبار وكذلك الرحمن الرحيم الغفور السلام، وهو لدينا أيضًا الديان والجبار، ولكن كذلك "اللهَ مَحَبَّةٌ" في المسيحية (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 8، 16). فعلاقة الإنسان بالله في المسيحية ليست هي علاقة إله وعبيد، بل هي علاقة حب بيننا وبين الله، الذي نناديه في الصلاة قائلين: "أبانا الذي في السموات" (إنجيل متى 6: 9؛ إنجيل لوقا 11: 2).. فالله في المسيحية هو أبونا (سفر إشعياء 64: 8؛ رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 3: 11؛ رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي 2: 16).

4- يصف السفر مباهج الحياة الروحية ويشبهها بمباهج الحياة الزوجية، ولا خطأ في الجنس الذي هو داخل إطار الزواج، فقد خلق الله حواء لآدم بعد أن قال: "ليس جيدًا أن يكون آدم وحده" (تكوين 2:18). ويقول الحكيم: "افرح بامرأة شبابك" (أمثال 5:18 و19). وقد حذَّر الرسول بولس المؤمنين من التعاليم الخاطئة للذين يرفضون الزواج، ثم قال: "لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يُرفَض شيء إذا أُخِذ مع الشكر" (1 تيموثاوس 4:3 و4). "الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتُّع" (1 تيموثاوس 6:17). وقال كاتب رسالة العبرانيين: "ليكن الزواج مكرَّمًا عند كل واحد، والمضجع غير نجس. وأما العاهرون والزناة فسيدينهم الله" (عبرانيين 13:4) . لقد وضع الله الغريزة الجنسية في الناس، وقال الوحي: "لسبب الزنا، ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها. ليوفِ الرجل المرأة حقَّها الواجب، وكذلك المرأة أيضًا الرجل" (1 كورنثوس 7:2 و3).

5- إن كان الكتاب المقدس قد تم تحريفه كما ينادي بعض الأخوة المسلمون، فكان بالأولى بنا أن نقوم بتنقيحه وتعديله وإلغاء ما قد يُساء فهمه من البسطاء أو أصحاب الديانات الأخرى! وكنا سنقوم بمسح السفر أو تعديله!!! ولكن وجود هذا السفر في الكتاب المقدس يؤكد عدم تحريف الكتاب المقدس، لأنه صمد ضد رغبات الجهال غير المؤمنين الذين نادوا بأنه سفر غير إلهي.

6- بعض المسلمون عندما يقرأون الكتاب المقدس، يقرأونه بهدف نقده بالدرجة الأولى، وليس من أجل المعرفة أو الفهم.. فهذه النقطة تقف حاجزًا أمامهم في فهم الكتب المقدسة. ومن الأقوال المأثورة "إن أنصاف المتعلمين أخطر من الجهلة"!

7- لو ادّعى أحد الغربيين هذه الدعوى والهجوم على لغة سفر النشيد لعذرناه لجهله باصطلاحات أصحاب السلوك، بخلاف الشرقي الذي تواترت عنده القصائد العربية والإسلامية لشعراء مثل محيي الدين بن العربي، وقصائد ابن الفارض وغيرهما، فإن قصائدهم في العشق الإلهي أشهر من أن تُذكر.

8- ربما يكون هناك اختلاف في مفهوم الوحي والتنزيل ما بين الإسلام والمسيحية.. فكلام الله في المسيحية هو كل الوحي الإلهي، بغض النظر عن قائله، وعن طريقة قوله، أو اختلاف الثقافات عبر الأجيال.

9- نقطة العصمة للقرآن أو عصمة الأنبياء وغيره في الإسلام، مختلفة عن عصمة الكتاب المقدس أو الأنبياء.. ففي المسيحية العصمة لله وحده! ولا يوجد بشر معصوم من الخطأ.. حتى ولو كان نبيًا.. وقد أوضحنا في هذا المقال بموقع الأنبا تكلاهيمانوت أنه توجد أخطاء لأنبياء مذكورة في كتاب القرآن. فيصطدم المسلم عندما يسمع أن الكتاب المقدس قد نسب خطايا لأنبياء.

10- ولا ننسى أيضًا أن القرآن يتحدث عن أمور مادية في الله، وذلك لتقريب الصورة للإنسان..

فنرى في القرآن أن الله قريب جدًا من الإنسان؛ لذلك يقول: "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" (سورة ق 16)، "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ" (سورة المجادلة 70)، "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (سورة البقرة 153)، "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ" (سورة البقرة 186).

فإن كان الله قريب للإنسان بهذه الصورة، أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد، فما المانع من تجسده في شكل إنسان من أجل خلاص الإنسان..؟!

ولاحظ كذلك نسبة الأعضاء الجسدية والمشاعر الإنسانية لله: القرآن ينسب لله الأعضاء الجسدية، فمثلًا:

أ - ينسب لله وجه: "وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ" الرحمن 27، "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ" (سورة القصص 88).

ب- ينسب لله يد: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ" (سورة الفتح 10).

ج- ينسب لله جنب: "أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ" (سورة الزمر 56).

د - ينسب لله عين: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" (سورة الطور 48).

هـ- ينسب لله المشاعر الإنسانية: مثل الحسرة والنسيان والمكر والغضب "يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ..." (سورة يس 3)، "نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ..." (سورة التوبة 67)، "إِنَّا نَسِينَاكُمْ..." (سورة السجدة 14)، "وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (سورة آل عمران 54)، "وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" (سورة الفتح 60). وفي صحيح البخاري ينسب لله الضحك على آخر رجل يبقى في النار الذي يقول "لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله عز وجل منه"..

11- نرى في القرآن والأحاديث أيضًا يتحدث عن "عرش الله"، وبالطبع الله لا يحده مكان... فيقول: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" (سورة طه 5). و"دار الله": جاء في الحديث عن الرسول "إن المؤمنين حين يتشفعون ربهم يوم القيامة يأتون إلىَّ. فانطلق فاستأذن على ربي في داره فيؤذن لي. فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدًا " (صحيح البخاري 4: 18)... إلخ.

كل هذا لتقريب الصورة للبشر.. ليس بالطبع لله يد أو عرش أو وجه أو هذه الأشياء المادية المذكورة في القرآن أو في الكتاب المقدس، ولكنها فقط لتقريب المعنى للآذان والمفاهيم البشرية القاصرة عن طريق التشبيه..

ومن الجدير بالذكر أنه بسبب روعة وجمال وسمو هذا السفر، قد نشره الكاتب المصري توفيق الحكيم عام 1940، ووضع له مقدمة يتغنّى به وبسموّه ورِفْعَة معانيه..
كل هذا وذلك يوضح الخطأ في أن يحاول المتدين بدين معين، أن يحكم على دين آخر من خلال تصوُّرات دينه له!
ثانيًا: من الكتاب المقدس:

1- منذ القديم كان سفر نشيد الأنشاد ضمن الأسفار القانونية في التوراة. وبعد قرون من قبوله كسفر قانوني، وفي القرن الأول الميلادي، شكَّكت مدرسة الرباي شمّاي في قانونيته، فقال الرباي عقيبة بن يوسف "أكيبا" (50-132م): "لم يجادل أحدٌ في قانونية سفر النشيد.. إن كل العصور لا تستحق اليوم الذي فيه أُعطي سفر النشيد لبني إسرائيل، فكل الوحي مقدس، ونشيد الأنشاد هو قدس الأقداس". ويعتمد المسيحيون أسفار التوراة التي قبلها بنو إسرائيل كأسفار قانونية.

2- اعتاد الله أن يتحدث معنا خلال الوحي بذات الأسلوب الذي نتعامل به في حياتنا البشرية، فهو لا يحدثنا فقط باللغات البشرية بل ويستخدم أيضا تعبيراتنا، حتى لا يكون الوحي غريبًا عنا.

نذكر على سبيل المثال أن الوحي يتحدث عن الله بأنه حزن، وغضب، أو ندم.... مع أن الله كلى الحب لن يحزن لأنه لا يتألم، ولا يغضب إذ هو محب، ولا يندم لأن المستقبل حاضر أمامه وليس شيء مخفي عنه. لكنه متى تحدث الكتاب عن غضب الله إنما يود أن يعلن لنا أننا في سقطاتنا نلقى بأنفسنا تحت عدل الله، وما يعلنه الوحي كغضب إلهي إنما هو ثمر طبيعي لخطايانا، نتيجة هروبنا من دائرة محبته.

وعندما يتحدث الكتاب المقدس عن كرسي الله أو عرشه، فهل أقام الله له كرسيًا أو عرشًا محدودًا يجلس عليه؟! ألم تكتب هذه كلها لكي نتفهم ملكوت الله ومجده وبهاءه حسب لغتنا وتعبيراتنا البشرية؟!

على نفس النمط يحدثنا الوحي عن أعمق ما في حياتنا الروحية، ألا وهو اتحادنا بالله خلال الحب الروحي السري، فيستعير ألفاظنا البشرية في دلائل الحب بين العروسين، لا لتفهم علاقتنا به على مستوى الحب الجسداني، وإنما كرموز تحمل في أعماقها أسرار حب لا ينطق به.

3- هذا المفهوم للحب الإلهي كحب زوجي روحي يربط النفس بالله ليس غريبا عن الكتاب المقدس، فقد استخدمه أنبياء العهد القديم كما استخدمه رجال العهد الجديد أيضا.

4- عبارات هذا السفر لا يمكن أن تنطبق على الحب الجسداني، ولا تتفق مع القائلين أنه نشيد تغنَّى به سليمان حين تزَّوج بابنة فرعون أو ما يشبه ذلك، نذكر على سبيل المثال: "لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ" (1: 1)... (لاحظ كلمات: ليقبلني، فمه، ثم حبك).. هكذا تناجى العروس عريسها، لكنها تطلب قبلات آخر "فمه".. مع أنها تعلن له "حبك" أطيب من الخمر، كيف يمكن لعروس أن تطلب من عريسها أن يقبلها آخر بينما تستعذب حب العريس نفسه؟ يستحيل أن ينطبق هذا على الحب الجسداني، لكنه هو مناجاة الكنيسة للسيد المسيح عريسها، فتطلب قبلات فم الآب، أي تدابيره الخلاصية. والتي تحققت خلال حب الابن العملي، كقول الكتاب: "اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (إنجيل يوحنا 1: 18).

* مما يقوله السفر أيضًا: "لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ، لِذلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى" (سفر نشيد الأنشاد 1: 3). فهل يمكن لعروس أن تفرح لأن عريسها موضع حب العذارى غيرها؟! لكن العروس هي الكنيسة التي تريد أن كل المؤمنين كالعذارى يحبون عريسها؟!

* "اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ. أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ. نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ. بِالْحَقِّ يُحِبُّونَكَ" (سفر نشيد الأنشاد 1: 4). لاحظ كلمات "فنجري"، "نبتهج"، "نفرح بك"، "نذكر حبك"، "يحبونك".. هل المتكلم مفرد أم جمع؟ إن كانوا جمعًا فكيف تلتقي الجماعة في حب الواحد جسديًا؟! وأي عروس تطلب هذا فتجرى، ومعها كثيرات نحو الحبيب؟

من هذه الأمثلة نرى أن السفر لم يعبر عن حب جسدانا، لكن عن حب إلهي يربط الله بكنيسته ومؤمنيه لكن يقوم السفر بما يناسب القامات الروحية والسنية.

5- قال كثيرون من رجال الدين اليهود الأقدمين إن هذا السفر يشرح العلاقة الحبية بين الله وشعبه. وفي ضوء هذا التفسير قاموا بوضعه ضمن أسفار الوحي القانونية المعترف بها. وقد قبلت الكنيسة المسيحية السفر ضمن ما قبلته من الوحي المقدس. وقد رأى اليهود في هذا السفر تاريخ بني إسرائيل من الخروج إلى زمان المسيح، وقالوا إن بني إسرائيل هم العروس (اسمها شولميث השולמית) وإن الرب هو العريس، وإن اتحاد الشعب مع الرب سيكمل في المسيح. أما المسيحيون الأولون فقالوا إن العروس هي الكنيسة وإن العريس هو المسيح.

وقد بلغ من اعتزاز الكنيسة بهذا السفر أن قام العلامة أوريجانوس في القرن الثالث الميلادي بتفسيره في عشرة مجلدات، ووجد في كل جملة من السفر معنى روحيًا. وفي القرن الثاني عشر كتب "برنارد أوف كليرفو" Bernard of Clairvaux عدد 86 موعظة على آيات الأصحاحين الأول والثاني من هذا السفر. ولدينا حاليًا عشرات التفاسير والتأملات في سفر النشيد.. لقداسة البابا شنوده الثالث، وقداسة المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية، وقداسة الأنبا يؤانس سكرتير قداسة البابا الذي أصدر كتبًا ضخمة تتأمل في آيات معدودة..

6- الدارس للكتاب المقدس لا يخفي عليه أن الكتاب المقدس كثيرًا ما يستخدم لغة البشر لتفهيمنا حقائق روحية سامية، وإلا لاستحال علينا أن نفهم أى شئ عن الله. فالكتاب المقدس مثلًا يقول «عينا الرب نحو الصديقين وأذناه إلى صراخهم» (مز 34:15) دون أن يقصد -كما لا يخفي علينا جميعا- أن لله عينين أو أذنين؛ لأن «الله روح» (يو4: 24) (اقرأ المزيد حول هذا الأمر هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الكتب). كما أنه يحدثنا عن معاملات الله معنا بلغة بشرية نفهمها، فيقول إنه يقف بجانبنا كالأخ (أم 17: 17)، ويشفق علينا كالأب (مز 103: 13، ملا3: 17)، ويعزينا كالأم (إش66: 13،49: 15)؛ لهذا فليس عجيبًا أن يرسم محبته لنا وغيرته علينا كمحبة العريس وغيرته من نحو عروسه.

وهذه الصورة لم ينفرد بها سفر نشيد الأنشاد Songs of Solomon بل تحدث عنها إشعياء أيضًا عندما قال «كفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك» (62: 5). وتحدث عنها إرميا «ذكرت لك غيرة صباك، محبة خطبتك، ذهابك ورائي في البرية في أرض غير مزروعة» (2: 2). وتحدث عنه هوشع «أخطبك لنفسي إلى الأبد...» (2: 19، 20). وكثيرًا ما صوَّر الكتاب المقدس التحول عن الله وعبادة الأوثان بأنه زنا. وأخيرًا نجد المعمدان يتحدث عن الذين تركوه وتبعوا الرب يسوع (المسيا) بأنهم هم العروس «أنتم أنفسكم تشهدون لي أنى قلت لست أنا المسيح بل إني مرسل أمامه. من له العروس فهو العريس» (يو3: 28، 29).

أما عن أسلوب السفر وتسمية صاحب السؤال له أنه أدب مكشوف، فهو ظلم للكاتِب، الذي عاش في عصر غير عصرنا، اعتاد أهل عصره على مثل هذه التعبيرات. وللسائل أن يراجع الشواهد التالية (إشعياء 49:14-21 و62:1-5 وإرميا 2:2 وحزقيال 16 وهوشع 2:14-23 و11:8) وفي العهد الجديد نجد علاقة المسيح بالمؤمنين هي علاقة الزيجة المقدسة (يوحنا 3:39 و2 كورنثوس 11:2 وأفسس 5:22-32 ورؤيا 21:2).
وتوُصَف الكنيسة في العهد الجديد أيضًا بأنها عروس المسيح؛ العروس السماوية، نظرًا للمحبة العميقة والعلاقة الوثيقة والرابطة الأبدية التي لها مع المسيح (2 كو 11: 2، أف5: 26، رؤ19: 7-9، 21: 9).
ثالثًا: قراءات أخرى لطالب العلم:
النص الكامل لسفر نشيد الأناشيد.
مقدمة عن سفر نشيد الأناشيد: الأب أنطونيوس فهمي.
تفاسير سفر نشيد الأنشاد.
تفسير سفر نشيد الأنشاد: الأب أنطونيوس فكري.
تفسير سفر نشيد الأناشيد: الأب تادرس ملطي.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد: قداسة البابا شنودة الثالث.
تأملات في سفر نشيد الأنشاد: المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية.
كتاب إسحق أو النفس للقديس أمبروسيوس - إعداد القمص تادرس يعقوب ملطي.
البحث في الكتاب المقدس.
الفصل العاشر: مدارس النقد وسفر نشيد الأناشيد - من كتاب مدارس النقد والتشكيك والرد عليها: الجزء الأول - مقدمة للنقد الكتابي.

هل أبطل القرآن كتاب الله؟

سؤال: ان الكتاب المقدس قد ابطله القران علي لسان محمد رسول الله ﷺ صلي الله عليه وسلم لقوله جلا جلاله بسم الله الرحمن الرحيم "وما اتاكم به الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوه" صدق الله العظيم من هذا المنطلق كان كتابكم محرف

إن دليلك هذا يسيء إليك قبل أن يسيء إلينا!!
أتقول أن القرآن ቁርአን قد أبطل الإنجيل؟! فماذا تقول إذًا عن الآية التي تقول: "نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ. وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ" (سورة أل عمران 3و4). لقد شهد الله نفسه بأن الإنجيل قد نزل هدى للناس، وأن الله قد أنزله... أفيبطل الله ما أنزله سابقًا لأنه جاء -حاشا- بقوانين جديدة مُغايرة لما سبق؟!
ويقول أيضًا "وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ، وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ". وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ، وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ" (سورة المائدة 46-48).

وكون القرآن مصدقًا لما بين يديه من الكتاب، فهذا يعني صحة الإنجيل والتوراة وسلامتهما من التحريف. وإلا فإنه يستحيل على المسلم أن يؤمن بأن القرآن نزل مصدقًا لكتاب محرَّف. كذلك لو كان التوراة والإنجيل قد لحقهما التحريف، ما كان يأمر قائلًا: "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ، وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".  بل ما كان يصدر أيضًا ذلك الأمر: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ" (سورة المائدة 68).

وما أكثر الآيات القرآنية التي تدعو إلى الإيمان بالإنجيل والتوراة، نذكر منها غير سبق "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا" (سورة النساء 136).

سر التوبة والاعتراف


سؤال: ما هي أهمية سر التوبة والاعتراف؟ وهل هو لازم للخلاص؟

أسس الرب هذا السر قديمًا والاعتراف Confession له شروطه بان الإنسان يعترف في قرارة نفسه بالخطأ ويعترف أمام الله وأمام من أخطأ في حقه وان يعترف أمام الآب الكاهن الذي اخذ سلطان الحل والربط من الرب كما ورد في إنجيل متى 16: 19 وفي نفس الوقت يقطع كل روابط الخطية ومسبباتها كي لا يرجع إليها معتمدًا علي نعمة الرب الإله!

* سر الاعتراف في العهد القديم

توبة الإسرائيليين: (قض10: 15و16) "فقال بنو إسرائيل للرب أخطأنا فافعل بنا كل ما يحسن في عينيك إنما أنقذنا هذا اليوم وأزالوا الآلهة الغريبة من وسطهم وعبدوا الرب فضاقت نفسه بسبب مشقة إسرائيل" وأيضًا "وانفصل نسل إسرائيل من جميع بني الغرباء ووقفوا واعترفوا بخطاياهم وذنوب آبائهم" (نح9: 2).

توبة منسي الملك: (2مل23: 12و13)

في الشريعة أمر الرب بالاعتراف بالخطية وكيفيه تقديم ذبيحة لغفران الخطايا "فان كان يذنب في شيء من هذه يقر بما قد أخطأ به ويأتي إلى الرب بذبيحة لاثمه عن خطيته التي أخطأ بها أنثى من الأغنام نعجة أو عنزًا من المعز ذبيحة خطية فيكفر عنه الكاهن من خطيته" (لا5:5-6) وأيضًا "إذا أخطأ أحد وعمل واحدة من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها ولم يعلم كان مذنبا وحمل ذنبه فيأتي بكبش صحيح من الغنم بتقويمك ذبيحة إثم إلى الكاهن فيكفر عنه الكاهن من سهوه الذي سها وهو لا يعلم فيصفح عنه انه ذبيحة إثم قد إثم إثما إلى الرب" (عد5:17). وأيضًا "ويضع هرون يديه على رأس التيس الحي ويقر عليه بكل ذنوب بني إسرائيل وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم ويجعلها على رأس التيس ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم إلى ارض مقفرة فيطلق التيس في البرية ثم يدخل هرون إلى خيمة الاجتماع ويخلع ثياب الكتان التي لبسها عند دخوله إلى القدس ويضعها هناك ويرحض جسده بماء في مكان مقدس ثم يلبس ثيابه ويخرج ويعمل محرقته ومحرقة الشعب ويكفر عن نفسه وعن الشعب" (لا 16: 21).

اعترف عاخان بن كرمه بخطيئته "فقال يشوع لعخان يا ابني أعط الآن مجدًا للرب اله إسرائيل واعترف له واخبرني الآن ماذا عملت لا تخف عني فأجاب عخان يشوع وقال حقا إني قد أخطأت إلى الرب اله إسرائيل وصنعت كذا وكذا".

اعتراف شاول الملك لصموئيل النبي قائلًا "أخطأت لأني تعديت قول الرب وكلامك لأني خفت من الشعب وسمعت لصوتهم والآن فاغفر خطيتي وارجع معي فاسجد للرب.... قد أخطأت والآن فأكرمني أمام شيوخ شعبي وأمام إسرائيل وارجع معي فاسجد للرب إلهك فرجع صموئيل وراء شاول وسجد شاول للرب" (1صم15: 24-31) وكان لصموئيل سلطان الحل من الخطايا.

اعتراف داود النبي والملك لناثان النبي وأعطى داود الحل من الخطية "فقال داود لناثان قد أخطأت إلى الرب فقال ناثان لداود الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (2صم12: 13و15) فمنذ العهد القديم نجد أن الكاهن هو الشخص الوحيد الذي سلطان مغفرة الخطايا "لان شفتي الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لأنه رسول رب الجنود" (ملا2: 7).

في الصلوات كانوا الأنبياء يعترفوا للرب بخطيتهم فداود اعترف قائلًا "اعترف لك بخطيتي ولا اكتم إثمي قلت اعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي" (مز32: 5) وفي المزمور (51) قال "ارحمني يا الله حسب رحمتك حسب كثرة رأفتك امح معاصي اغسلني كثيرًا من إثمي ومن خطيتي طهرني لأني عارف بمعاصي وخطيتي أمامي دائمًا إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في أقوالك وتغلب في قضائك هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي... استر وجهك عن خطاياي وامح كل آثامي" ودانيال في صلواته "وبينما أنا أتكلم واصلي واعترف بخطيتي وخطية شعبي إسرائيل واطرح تضرعي أمام الرب الهي عن جبل قدس الهي" (دانيال بالتتمة 9: 20) وأيضًا "وصليت إلى الرب الهي واعترفت وقلت أيها الرب الإله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه أخطأنا وإثمنا وعملنا الشر وتمردنا وحدنا عن وصاياك وعن أحكامك" (دا 9:4).
صلاه عزرا: "فلما صلى عزرا واعترف وهو باك وساقط أمام بيت الله اجتمع إليه من إسرائيل جماعة كثيرة جدًا من الرجال والنساء والأولاد لان الشعب بكى بكاءْ عظيمًا... فاعترفوا الآن للرب اله آبائكم واعملوا مرضاته وانفصلوا عن شعوب الأرض وعن النساء الغريبة" (عز10: 1-11).

* سر الاعتراف في العهد الجديد

تسليم سلطان الحل والمغفرة للتلاميذ والرسل جلي وواضح في العهد الجديد وقال الرب لبطرس الرسول "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماوات وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السماوات" (مت 16: 19).

وكرر الرب هذا الوعد للتلاميذ "الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء" (مت 18: 18).

وكرر الرب الوعد أيضًا بعد قيامته "ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو20: 21-23).

كان كل الذين يؤمنون بالكلمة كانوا يعترفون بخطاياهم للرسل وليوحنا المعمدان "واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم" (مت3: 6) وأيضًا "وكان كثيرون من الذين امنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم، وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع وحسبوا أثمانها فوجدوها خمسين إلفًا من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة" (اع 19:18).

وصيه يعقوب الرسول بالاعتراف بالزلات وقال "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلوا بعضكم لأجل بعض لكي تشفوا طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع5: 16) ويوحنا الإنجيلي قال "أن اعترفنا بخطايانا فهو آمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (يوحنا الأولى 1: 9).

تسليم السر ليس فقط للحل بل أيضًا للربط في الخطية إلى الأبد وهكذا ربط القديس بطرس الرسول سيمون الساحر وأيضًا حله من خطيته عندما اعترف بذنبه إليه "فقال له بطرس لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتني موهبة الله بدراهم ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر لأن قلبك ليس مستقيما أمام الله فتب من شرك هذا واطلب إلى الله عسى أن يغفر لك فكر قلبك لأني أراك في مرارة المر ورباط الظلم فأجاب سيمون وقال اطلبا أنتما إلى الرب من أجلي لكي لا يأتي علي شيء مما ذكرتما" (أع 8:21-23).
ربط القديس بولس الرسول الزاني الذي في مدينة كورنثوس وعند إحساسه بالحسرة والأسى غفر له خطيته حتى لا يفقد الأمل في التوبة ودعا الأخوة أن يقبلوه معهم في شركتهم مرة أخرى وقد ذكر الرسول بولس ذلك في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس (2: 5) "لكن أن كان أحد قد احزن فإنه لم يحزني بل أحزن جميعكم بعض الحزن لكي لا أثقل مثل هذا يكفيه هذا القصاص الذي من الأكثرين حتى تكونوا بالعكس تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط لذلك أطلب أن تمكنوا له المحبة لأني لهذا كتبت لكي اعرف تزكيتكم هل انتم طائعون في كل شيء والذي تسامحونه بشيء فانا أيضًا لأني أنا ما سامحت به أن كنت قد سامحت بشيء فمن أجلكم بحضرة المسيح لئلا يطمع فينا الشيطان لأننا لا نجهل أفكاره" لذا فان هذا السر قد أعطاه الرب إلى الكهنة وهذا السر الدائم يظل لمغفرة الخطايا "وأما هذا فمن اجل انه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول فمن ثم يقدر أن يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (عب7:25) فلا نخف إذا عندما نسقط في خطيه ما فالرب هو الذي يكمل ضعفنا ويعيننا إلي إن نصل إلي الكمال والقداسة به "يا أولادي اكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وان أخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1يو2:1).

* الاعتراف:

يقول الكتاب المقدس: "امتحنوا كل شيء تمسكوا بالحسن" (1 تس 5: 21). ولذلك فإنك كشاب مسيحي محب لله وغيور على كنيسته ينبغي عليك أن تتأكد من كل فكر أو رأي يقدم لك بأن تقرأ وتبحث، تسأل وتناقش من أجل أن تبني حياتك على الإيمان المستقيم.

وحينما تؤسس حياتك على صخر الإيمان ربنا يسوع المسيح، وتعاليم الكتاب المقدس العظيم، وتعود إلى كتابات الآباء الأولين فإنك ستشعر حتما بالثقة والطمأنينة والفخر حينما ترى كنيستك وهي تعيش الإيمان المسلم من الرب ذاته للرسل الأطهار.

وليكن هدفنا من التعلم أن نمارس ما نتعلمه في حياتنا لكي نستفيد بكل حسن من أجل نمو حياتنا في الإيمان، وانتصارنا على الحية القديمة المدعو إبليس، متطلعين إلى الحياة الأبدية حينما نحيا في حضرة إلهنا، نتمتع به ونتذوق حلاوته.

وفي هذه الكلمات نجيب على سؤال هام هو:

"تمارس الكنيسة سر الاعتراف، فهل توجد أدلة كتابية وتاريخية وآبائية تدل على ضرورة أن يكون الاعتراف أمام الكاهن؟ وهل الاعتراف لله غير كافيًا".

وللإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعلم حقيقتين هامتين أولهما: أن الوحيد القادر على غفران الخطايا هو الله عن طريق دم المسيح المسفوك على عود الصليب. والثانية: عن حياتنا المسيحية، فكل مسيحي هو عضو في جسد المسيح الحي الذي هو كنيسته المجيدة، ورأس هذا الجسد هو المسيح له كل المجد (أف 1: 22).

ومن أجل بنيان هذا الجسد أعطى الله المواهب الروحية المتكاملة فقد "أعطي البعض أن يكونوا رسلا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح" (أف 4: 11 , 12). ولذلك ينبغي عليك أن لا تحزن إذا وجدت نفسك بحاجة إلى آخر لكي يعمل معك ومن أجلك فبالتأكيد أن الله أعطاك موهبة روحية ولكنه لم يعطك كل المواهب والوظائف اللازمة لتسير في طريق الكمال.

وأعلم أيضًا أنك حينما تخطئ فإنك لا تسئ إلى نفسك فقط وإنما تسئ أيضًا إلى الجسد الذي تنتمي إليه (الكنيسة), كما أنك تسئ أيضًا إلى الله القدوس البار. ولذا فإن الإنسان حينما يخطئ يطالب بأن يندم على خطيئته ويكرهها، ثم يقر بها أمام الكنيسة وحينها يقوم الله بغفران هذه الخطايا. وهذا ما فهمه المسيحيين الأوائل، وهذا ما نراه في سفر الأعمال حينما يقول: "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 19: 18). وقد أعطيت الكنيسة ممثلة في الرسل ومن خلفهم من الأساقفة (اع 20: 28) هذا السلطان من الرب يسوع حينما قال: "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السموات" (مت 16: 19).

وقال أيضًا في سلطة الكنيسة: "وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار، الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (مت 18: 17، 18).

وبعد قيامته قال لتلاميذه بعدما نفخ في وجوههم : "اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر لهن ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20: 22، 23).  ولكن، قد يقول قائل أن هذا سلطان عام للجميع وليس للرسل والكهنة فقط فأنا أستطيع أن أحل وأربط كالرسل تمامًا!!

وللإجابة نقول لا فإن الخطاب الموجه في الآيات السابقة كان موجها لقادة الكنيسة ممثلة في الرسل، كما أن أهل كورنثوس لم يستطيعوا ممارسة هذا السلطان إلا حينما مارسه الرسول بولس مع زاني كورنثوس الشهير (1كو 5: 1- 5).

ولا تنسى أن مواهب الروح قد قسمت على الجميع وكما يقول الرسول "فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي آن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الإيمان" (رو 12: 3).

وهذا ما فهمه جميع الآباء في القرون الأولى ومارسوه بكل قوة وتكلموا عنه وكتبوه في كتاباتهم التي مازالت باقية حتى اليوم ولا يستطيع أحد التشكيك فيها، ولا أظن أن شخصًا منصفًا محبا لله ومهتمًا بخلاص نفسه ينكر آيات الكتاب وتفاسيرها ومن مارسوها ليقدم بدعة لا سند لها من الكتاب أو التاريخ أو أقوال الآباء. وهل يستطيع أحد أن بخرج لنا آية من العهد الجديد تقول: لا تعترفوا على يد الكهنة ؟!!

ولن نورد اليوم أقوال الرسل أو شهادة آباء الكنيسة من الأجيال المختلفة أو شهادة التاريخ أو الكتب الطقسية والتي تحتوي على الكثير عن الاعتراف على يد الكهنة - ويمكن الرجوع إليها في العديد من الكتب والمراجع المتوفرة بمكتبات الكنيسة- ولكننا سنتحدث عن شهادة المحتجين (البروتستانت) أنفسهم لسر الاعتراف.

1. مارتن لوثر (1483 – 1546م): (ألماني، وهو قائد حركة الاحتجاج protests - ويسميها المحتجون بحركة الإصلاح - حينما احتج على بابا روما ليو العاشر سنة 1517 بسبب صكوك الغفران).

يقول في كتاب تعليم الدين المسيحي المختصر (ويعتبر من أهم كتاباته وهو عن طريق السؤال والجواب) في الفصل الخامس عن الاعتراف:

ماذا يجب أن يُعلَم الشخص المبتدئ عن الاعتراف؟

سؤال: ما هو الاعتراف؟

الإجابة: للاعتراف جزءان أولهما أن يقر الشخص بخطاياه وثانيهما أن يتلقى المعترف الحل من المعرف confessor (الشخص الذي يتلقى الاعتراف) كما من الله نفسه بدون شك في ذلك وباعتقاد راسخ أن الله قد غفر خطاياه من خلال المعرف.

سؤال: ما هي الخطايا التي يجب أن يعترف بها الناس؟

الإجابة: حينما نتحدث مع الله يجب أن نذكر مع الشعور بالخزي والذنب جميع خطايانا، حتى التي لا نعلم عنها شيئًا تمامًا كما نفعل في "يا أبانا"،ولكن حينما نجلس مع المعرف (أب الاعتراف) نذكر الخطايا التي فعلناها بإرادتنا والتي نشعر بها في قلوبنا.

Luther's Little Instruction Book, (The Small Catechism of Martin Luther), V, Translated To English by Robert E. Smith May 22, 1994. Electronic Edition.

ويقول لوثر أيضا: " إني أعتبر الاعتراف الشخصي شيئًا ثمينا جدًا ونافعًا للصحة الروحية، آه. في الحقيقة من المؤلم جدًا لكل المسيحيين إذا لم يكن هناك اعتراف خاص ويجب أن يشكروا الله بكل قلوبهم أن الاعتراف مسموح ومتاح لهم"

(تاريخ الكنيسة، الدكتور القس جون لوريمر، ترجمة عزرا مرجان، الجزء الرابع، دار الثقافة، 1990، صفحة 136)

ويقول أيضًا: " من الممكن أن يكون للتوبة صفة سر من الأسرار المقدسة لكنني أبكي على انتهاك الكنيسة (المقصود الكنيسة الكاثوليكية حينما باعت مغفرة الخطايا بصكوك للغفران، وأفشت بعض أسرار المعترفين ) لهذا السر (لاحظ إقراره بأن التوبة سر)" (المرجع السابق صفحة 124، 125).

2.جون كلفن (1509 –1564م): (من مواليد فرنسا، عاش في سويسرا، وقاد هناك أحد تيارات الاحتجاج)

يقول عن الأسرار: بماذا نعرف أننا أعضاء في جسد المسيح؟ بالاعتراف جهارًا بالإيمان والحياة المستقيمة والشركة في الأسرار المقدسة التي توحدنا في معرفة الله والمسيح.

Institutes of the Christian Religion, Book 4, Chap 14 A New Translation In English by Henry Beveridge, Esq (Electronic Edition).



يقول أيضًا: " يكون الاعتراف خاصًا لله وحده، أو لرعاة الكنيسة اختياريا بهدف الراحة والشعور بتأنيب الضمير، أو عامًا أمام الكنيسة كلها" (المرجع السابق، الكتاب الثالث، فقرة 48)

3. وفي مقال عن العقيدة البروتستانتية:

Philip Jacob Spener’s Contribution to the Protestant Doctrine of the Church by Dennis H. McCallum. P 26

"وهذا أيضًا (كان يتحدث في الفقرة السابقة عن سر المعمودية) حقيقي بالنسبة للاعتراف والغفران، والتي نحفظها كوسيلة فعالة للراحة حسب الإنجيل ولمغفرة الخطايا والتي لا يجب أن يمارسها إلا المؤمنين".

ولدينا العشرات من كتابات البروتستانت وقوانينهم التي تستحسن سر الاعتراف وتوافق على الاعتراف السري على يد الراعي بشرط عدم إفشاء أسرار المعترفين أو استغلالها أو أن تكون في مقابل مادي. (وكنيستنا الأرثوذكسية تعلم بعدم إفشاء أسرار المعترفين أو استغلالها).

وقول القديس كبريانوس (200-258 م.): "فليعترف كل منكم أيها الأخوة الأحباء بإثمه مادام من إثم في هذا العالم وما دام ممكنًا قبول اعترافه وما دامت المغفرة بواسطة الكهنة مقبولة عند الله".



وننهي حديثنا يقول العلامة ترتليان (160-240 م.): "إن كثيرين ينتبهون إلى الخجل أكثر من الخلاص فيهربون من الاعتراف سترة لهم ويؤخرونه من يوم إلى يوم كمن أصابه مرض في الأعضاء المستحى منها فأخفى عن الأطباء مرضه فيباد بخجله.. فإذا أخفينا نفوسنا عن معرفة الناس هل تخفى عن الله، وهل الأولى لنا أن نهلك وذنوبنا مخفية من أن نحل وهي مكشوفة في التوبة".

سر التناول

سؤال: أليس سر التناول (الإفخارستيا) هو للذكرى فقط؟! وهل من دليل على ممارسته في العهد الجديد؟!

سر الافخارستيا Eucharist في الكتاب المقدس:

أسس الرب يسوع هذا السر لان به الثبات فيه "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه" (يو6 : 56) وبه ننال الحياة الأبدية "أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل احد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم" (يو6 : 51). وبه ننال الخلاص والاستنارة "الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (كولوسي 1 : 14).

وقد قال الرب للتلاميذ "هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري" (لو19:22). قال هذا للرسل وهم مجتمعون معه في العلية يوم خميس العهد. ولهذا فإن بولس الرسول حينما يتعرض لهذا الأمر يقول: "كأس البركة التي نباركها، أليست هي شركة دم المسيح؟! الخبز الذي نكسره، أليس هو شركة جسد المسيح؟!" (1كو16:10). فقال: "نبارك ونكسر"، دليل على الفعل، وقال "شركة دم المسيح" دلالة على قدسية هذا الأمر وأنه سر مقدس.

رموز سر التناول في العهد القديم

1. ذبيحة ملكي صادق التي كانت من خبز وخمر "وملكي صادق ملك شاليم اخرج خبزًا وخمرًا وكان كاهنا لله العلي وباركه وقال مبارك إبرام من الله العلي مالك السماوات والأرض" (الخروج 14)  وقد ذكر الرسول بولس أن "ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه الذي قسم له إبراهيم عشرا من كل شيء المترجم أولًا ملك البر ثم أيضًا ملك ساليم أي ملك السلام بلا آب بلا أم بلا نسب لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقى كاهنا إلى الأبد" (عبرانيين 7).

2. الجمرة التي وضعها الملاك علي شفتي إشعياء النبي: "في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملا الهيكل السارافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخانا فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عيني قد رأتا الملك رب الجنود فطار إلى واحد من السارافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ومس بها فمي وقال أن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك" (اشعياء 6: 1-7). فكانت حقا هذه الجمرة هي التناول المقدس الذي يعطي لمغفرة الخطايا "لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى 26: 28).

3. المن النازل من السماء: كان المن رمزًا جليا لجسد الرب لان التناول المقدس "هو الخبز الذي نزل من السماء ليس كما أكل آباؤكم المن وماتوا من يأكل هذا الخبز فانه يحيا إلى الأبد" (يو6 : 58) "وأما المن فكان كبزر الكزبرة ومنظره كمنظر المقل كان الشعب يطوفون ليلتقطوه ثم يطحنونه بالرحى أو يدقونه في الهاون ويطبخونه في القدور ويعملونه ملأت وكان طعمه كطعم قطائف بزيت ومتى نزل الندى على المحلة ليلا كان ينزل المن معه" (عدد 11) وفي (مزامير 105: 40 ) "سألوا فأتاهم بالسلوى وخبز السماء أشبعهم" وقارن الرب جسده الحبيب بالمن في (يو6: 47 ) "الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية أنا هو خبز الحياة آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل احد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم... الحق الحق أقول لكم انتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لان هذا الله الآب قد ختمه....الحق الحق أقول لكم ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم فقالوا له يا سيد أعطنا في كل حين هذا الخبز فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إلى فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا".

4. خروف الفصح: إن للتناول المقدس له قدسيته الخاصة ويجب التناول منه باستحقاق أي التوبة والنقاوة والإيمان بفاعليه السر وقد شرح الرسول بولس ذلك "إن الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ خبزا وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري كذلك ألكاس أيضًا بعدما تعشوا قائلًا هذه ألكاس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري فأنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من ألكاس لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب من اجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون" (1كو11) وفي رسالته إلى أهل كورونثوس الأول الأصحاح العاشر قال "كاس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح؟ الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح؟ فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد".

*أهمية التناول وفائدته:

1- أول أهمية له هي الثبات في الرب: "مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي، يثبت فيَّ وأنه فيه" (يو56:6).

2- كذلك التناول هو الخبز الروحي: "مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمي، فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو54:6). "من يأكل هذا الخبز، فإنه يحيا إلى الأبد" (يو58:6).

3- هذا التناول هو عملية تطعيم كما في الأشجار (رو17:11؛ يو5:15).

4- كما نقول في القداس: "يُعطى عنّا خلاصًا، وغفرانًا للخطايا، وحياة أبدية لمن يتناول منه"، مثل قول الكتاب في (عب22:9؛ 1يو7:1).

6- التناول أيضًا هو عهد مع الله: فنقول في القداس الإلهي قول الكتاب "لأنه في كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس، تبشرون بموتي، وتعترفون بقيامتي، وتذكرونني إلى أن أجيء" (1كو26:11).

سر المعمودية

سؤال: ما هو سر المعمودية؟ وما هي رموزه وإثباتاته من الكتاب المقدس؟

* رموز المعمودية Baptism في العهد القديم:

1. الطوفان:- كان الطوفان رمزا للمعمودية (تكوين 8) والولادة الجديدة "كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح إذ كان الفلك يبنى الذي فيه خلص قليلون أي ثماني أنفس بالماء الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح" (رسالة بطرس الأولى 3: 20) والوصية تقول أن لا يأكل أحد من خروف الفصح إلا المختونين فقط" (خروج 12: 47).

2. قصة عبور البحر الأحمر:- (خر14) عبور بني إسرائيل في البحر كان رمزا للمعمودية والسحابة تظللهم أشارة إلى الروح القدس وغرق فرعون وكل قواته الذي كان يرمز إلى الشيطان الذي سحق بمياه المعمودية وفي هذا قال الرسول بولس" أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا في البحر وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر وجميعهم أكلوا طعامًا واحدًا روحيًا وجميعهم شربوًا شرابًا واحدًا روحيًا لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح " (كو10:1-2).

3. لم يعطى الرب الكهنوت لهارون: ألا بعد أن غسل جسده أولا بالماء "فقال الرب لموسى اذهب إلى الشعب وقدسهم اليوم وغدا وليغسلوا ثيابهم ويكونوا مستعدين لليوم الثالث لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء" ( خر19).

4. ذبيحة إيليا:- قد قبلها الرب بالماء ثلاث مرات (سفر ملوك الأول 18:33) "وبنى الحجارة مذبحًا باسم الرب وعمل قناة حول المذبح تسع كيلتين من البزر ثم رتب الحطب وقطع الثور ووضعه على الحطب وقال املأوا أربع جرات ماء وصبوا على المحرقة وعلى الحطب ثم قال ثنوا فثنوا وقال ثلثوا فثلثوا فجرى الماء حول المذبح وامتلأت القناة أيضًا ماء" (1مل 18: 33).



5. الختان: الله يريد قتل موسي بسبب عدم ختان أولاده. "وحدث في الطريق في المنزل أن الرب التقاه وطلب أن يقتله فأخذت صفورة صوانة وقطعت غرلة ابنها ومست رجليه فقالت انك عريس دم لي فانفك عنه حينئذ قالت عريس دم من اجل الختان" (خر4: 25).

* المعمودية في العهد الجديد:

المعمودية هي الباب الوحيد الذي ندخل منه إلى الأيمان بالمسيح. "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" (يو3: 5) ففي البدء كانت روح الله يرف علي وجه المياه (تك1: 2).



المعمودية هي مثال لموت المسيح ودفنه "أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة لأنه أن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته"(رسالة رومية 6:4) لذا المعمودية بالتغطيس و السيد المسيح نفسه تعمد بالتغطيس (إنجيل متى 3: 16) والخصي الحبشي أيضًا (أعمال الرسل 8: 36). مدفونين معه في المعمودية "مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضًا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات وإذ كنتم أمواتًا في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحًا لكم بجميع الخطايا"(رسالة تيطس 3: 5) وأيضا "لذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن إذ عصت قديما حين كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح إذ كان الفلك يبنى الذي فيه خلص قليلون أي ثماني أنفس بالماء الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح" (1بط3: 21) وأيضًا "فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة (رومية 6: 4) "رب واحد إيمان واحد معمودية واحدة" (أفسس 4: 5).

المعمودية هي شرط أساسي للحصول علي الخلاص: هكذا تكلم الرب مع نيقديموس في (إنجيل يوحنا 3:5) "الحق الحق أقول لك أن كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب هكذا كل من ولد من الروح "وهكذا وضع الرسول بولس يديه علي المعتمدين بمعمودية يوحنا وذلك ليحل الروح القدس عليهم (أع 19: 1)  وعند قبولهم الكلمة اعتمدوا الثلاثة آلاف من يد أبينا بطرس (أع 2: 38-41) "فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس". وقد عمد فيلبس الخصي الحبشي أيضًا (أع 8: 38) وعمد بطرس كرنيليوس وعائلته وأشخاص آخرين (أع10: 1-48) وبولس عمد حافظ السجن وكل من في بيته (أع 16: 33) وأيضا التلاميذ في أفسس (أع 19: 1-5).

· المعمودية هي ختان في العهد الجديد إذ يقول القديس بولس "وبه أيضًا ختنتم ختانًا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضًا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات وإذ كنتم أمواتًا في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحا لكم بجميع الخطأ" (كو2: 12).

أسرار الكنيسة السبعة

سؤال: ما هي أسرار الكنيسة السبعة؟ وهل هي مجرد رمزية أم حقيقية؟



هي أعمال مقدسة ومِنَح إلهية، بها ننال نِعَمًا غير منظورة تحت مادة منظورة. والأسرار الكنيسة السبعة The Seven Holy Sacraments هي:

1- سر المعمودية (يو5:3؛ أف25:5؛ 1كو11:6)

2- سر الميرون (أع17:8، ثم 1يو20:2)

3- سر القربان أو تناول جسد الرب ودمه (يو53:6-56)

4- سر التوبة و الاعتراف (يو23:20)

5- سر مسحة المرضى (يع14:5، 15؛ مر13:6)

6- سر الزيجة أي الزواج (أف32:5)

7- سر الكهنوت (1تي14:4؛ 2تي6:1)

تؤمن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بسبعة أسرار لازمة تمامًا للكنيسة العامة وبعضها لازم لجميع المؤمنين للخلاص مثل: (المعمودية – الميرون – التناول – التوبة والاعتراف).

* معنى كلمة سر في الكتاب المقدس:

1- وردت بمعنى "أمر خفي" (1صم14:22؛ 2صم23:23؛ مت19:1؛ يو28:11؛ أع37:16).

2- وردت بمعنى "التدبير الإلهي" (الفوقاني) (رو25:16-26؛ أف7:1، 9، 10؛ أف9:3؛ 1تي16:3).

3- وردت بمعنى "رمز نبوي" (دا19:2-22؛ 47:2؛ رؤ12:1، 20؛ 5:17).

4- وردت بمعنى "أسرار الملكوت" (مت11:13؛ مر11:4؛ لو10:8).



5- كما وردت بمعنى "أسرار النبوات" و"أسرار الروح" و"سر الرب" و"سر الإنجيل" و"سر الإيمان" (عا7:3؛ 1كو2:14؛ مز14:25؛ أم32:3؛ أف19:6؛ 1تي9:3).

* معنى كلمة "سر" في أسرار الكنيسة السبعة المقدسة:



المقصود بها هو "نوال نعمة سرية (غير منظورة) بواسطة مادة منظورة" وذلك بفعل روح الله القدوس الذي حل بمواهبه في يوم الخمسين على التلاميذ القديسين ورسل السيد المسيح الأطهار، وبحسب ما أسسه السيد المسيح نفسه وسلَّمه للرسل الأطهار وهم بدورهم سلَّموه للكهنة بوضع اليد الرسولية. (1كو23:11).

* المادة المنظورة في الأسرار المقدسة:

تعتبر المادة المنظورة – التي من خلالها ننال النعمة السرية غير المنظورة هامة جدًا ولها شروط معينة تجعلها مطابقة ماديًا للفعل غير المنظور للنعمة السرية:

- فيُستخدم الماء كمادة منظورة للمعمودية (أع16:22).

- ويُستخدم زيت الميرون الذي يحتوي على أنواع أطياب مختلفة إشارة إلى مواهب الروح القدس المتنوعة، وقد استخدمه الرسل كمسحة مقدسة (1يو20:2، 27).

- يستخدم القربان المقدس المصنوع من دقيق الحنطة ليتحول إلى غذاء سمائي وخبز سمائي هو جسد الرب (يو51:6).

- وعصير العنب (1كو24:11؛ إش3:62).

- وفي سر التوبة يكون وضع الصليب على الرأس هو المادة المنظورة لغفران الخطايا (يو23:20).

- وفي سر مسحة المرضى يستخدم القنديل (زيت وفتيل) (لو24:10؛ مر13:6؛ يع14:5).

- وفي سر الزيجة يكون الإكليل المقدس على رأس العريس والعروس إشارة إلى إكليل العفة والتقديس (نش11:3).

- وفي سر الكهنوت تكون المادة المنظورة هي اليد الأسقفية أو الكهنوت لمنح الموهبة والسر (أع6:6؛ غل9:2؛ 1تي14:4؛ 2تي6:1؛ عب2:6؛ تث9:34).
ولقد رتَّب الرب أن تُمْنَح النِعَم غير المنظورة بواسطة مادة منظورة لأن الإنسان يحتاج إلى أن يشعر بشيء مادي واقعي لأنه في الجسد كقول القديس يوحنا ذهبي الفم: "لو أن نفسك عارية من الجسد لكانت عطايا الله توهَب لك على هذه الصورة، ولذلك استخدم السيد له المجد الطين لفتح أعين الأعمى (يو6:9)، وخرجت منه قوة من خلال أهداب ثوبه لشفاء نازِفة الدم، ووضع أصابعه في أذن الأصم ليسمع (مر33:7) ، وكان يشفي ويبارك بوضع يديه (مر23:5؛ 5:6؛ 23:8؛ 16:10).

* ترتيب الأسرار:

سر المعمودية – سر الميرون – سر الافخارستيا – سر التوبة و الاعتراف – سر مسحة المرضى – سر الزيجة – سر الكهنوت.

السبب في ترتيب الأسرار هكذا هو أن المعمودية هي باب الأسرار وبدونها لا يمكن نوال استحقاقات الفداء، فهي سر الولادة من فوق، والكهنوت وُضِع في آخر الأسرار لأنه تاج الأسرار ومتممها فبدونه لا يتم أي سر منها، والميرون بعد المعمودية لأن آبائنا الرسل كانوا يضعون الأيادي مباشرة بعد العماد (ولأن الذي غُرِسَ في جسد المسيح بالمعمودية يحتاج إلى مواهب الميرون للتثبيت في الطبيعة الجديدة)، ثم بعد ذلك لا بُدّ أن الذي قام من الموت مع المسيح بالمعمودية (يو4:6) وبها وُلِدَ من فوق (يو3:3، 5) وأُعْطِيَ مواهب الحياة الجديدة (بالميرون) لا بُدّ له أن يعطى ليأكل ويتغذَّى من فوق (مر43:5) من خبز الحياة الذي هو جسد السيد المسيح ودمه الأقدسين (يه6) ووضع سر التوبة والاعتراف بعد التناول حتى يسارع من قد تطهَّر بالمعمودية وتغذّى بالتناول إلى مداومة الحفاظ على النعمة التي أخذها لتحيا نفسه طاهرة، ولأن شفاء النفس يؤدي إلى شفاء الجسد "اعترفوا.. لكي تُشفوا" (يع16:5).



لذل وضع سر التوبة سابقًا لسر مسحة المرضى، ثم بعد ذلك الزيجة لولادة أعضاء الكنيسة بالجسد، ثم الكهنوت لولادة الأعضاء الروحيين ولإقامة الأسرار وانتشار الكنيسة، فالأسرار تبدأ بسر الولادة وتنتهي بواسطة الولادة.

* الأسرار التي يمكن تكرارها والتي لا يمكن تكرارها:




إن أسرار المعمودية والميرون والكهنوت (بكل رتبه الثلاث) تترك أثرًا أو سمة لا تُمحى (أسرار واسِمة) في النفس الإنسانية القابلة لها، لذلك فهي لا تُعاد..


ويمكن تكرار سر مسحة المرضي كلما اقتضى الأمر ذلك.


أما سريّ التناول والاعتراف فيجب تكرارهما بصفة مستمرة ومنتظمة قدر الإمكان، للحِفاظ على نقاوة الإنسان بالاعتراف وحِفظهُ من السقوط والخطيئة بالتناول المتواصل وباستحقاق السر المقدس.


كذا سر الزيجة فلا يُعاد، فلو كان كلا الخطيبين المتقدمين للزواج قد سبق زواجهما قبل ذلك (أي أرامل) فالكنيسة تزوجهما بدون إكليل ولكن كسماح (تحليل وليس إكليل). ولكن يُصلَّى الإكليل كاملًا إن كان كلا أو أحد الطرفين بِكرًا.

Saturday, April 25, 2020

من اقام المسيح الذي اقامه الله من الاموات ! هل تنفي لاهوت المسيح!

مقدمة يضع المعترض مجموعة من الافتراضات المبنيه علي عدم علمه ببواطن امور المسيحية او الكتاب المقدس فهو يحاول ان يبرر ايمانه وما يعتقد به بنفي الوهية  بالكتاب المقدس مستخدماً الالتواء وتخريج النص عن مفهومة والعجيب ان الشيخ طارح الشبهة ظل يكررها مراراً وتكرارا!
دعونا ناخذ احد هذة الايات ولنوضح للمعترض ما المقصود بالذي اقامة ؟ وسيدور الرد علي مفهوم من اقام !
أعمال الرسل ٣ : ١٥
١٥‏وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ ُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ.
في البداية تجاهل المعترض لاثبات عدم الوهية  الادلة التي توجد في الايات علي لاهوتة مثل رئيس الحياة ἀρχηγός) )كلمة ارشيجوس التي اتت بمعني الرئيس المبدع وجاءة في الترجمات والترجمات انواع تفسيرة متحررة حرفية بعدة معاني وهي مبدئ الحياه المنبع. واهب. سيد الحياة فيقول القديس ايريناؤسفي شرحة لرئيس الحياة ان السيد  هو رئيس الكل وهو رئيس الحياه الموجود قبل كل شئويتقدم امام كل شئ وفي التراجم الانجليزية the source of life . the Prince of life . originator of lifeفالاية لها ابعاد رائعة تثبت  الرب يسوع  لكن دعونا نذهب الي الشبهة دون شرح الايات الرائعة
الاعتراض يكمن في اقامه  .؟
وسنرد علي الشبهة في عدة نقاط
والاجابة تكمن في ان  انسان كامل واله كامل هو  المتجسد
فالذي اقام الناسوت اللاهوت المتحد معه بدون انفصال او امتزاج او تغير
فالكتاب المقدس يشهد بهذا ويضع ايات تثبت ان الاقانيم (الآب والابن والروح القدس)
اقامو الجسد من بين الاموات
شهادة المسيح( الكلمة المتجسد)عن اقامة نفسة
انجيل يوحنا الاصحاح الثاني
19 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍأُقِيمُهُ».
20 فَقَالَ الْيَهُودُ: «فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟»
21 وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ.

باي سلطان يقيم جسده ؟من يستطيع ان يقول هذة الكلمات سوي شخص رب المجد يسوع الاله المحب العظيم!
العجيب ان طارح الشبهة ياتي بايات تثبت الوهية المسيح فالكلمة اليونانية ἐγείρω
جاءة في الكتاب المقدس 150 مرة بعدة معاني وجاءة 8 مرات بمعني اقيمة .اقام .اقيم

G1453
raise
Act_26:82Co_4:14Heb_11:19Jam_5:15
Mat_3:9Luk_3:8 (2), Joh_2:19,

ἐγείρω
egeirō
eg-i’-ro
Probably akin to the base of G58 (through the idea of collecting one’s faculties); to waken (transitively or intransitively), that is, rouse (literally from sleep, from sitting or lying, from disease, from death; or figuratively from obscurity, inactivity, ruins, nonexistence): – awake, lift (up), raise (again, up), rear up, (a-) rise (again, up), stand, take up.
والدليل الثاني
يوحنا ١٠:‏١٨ لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي”.
يقول قداسة البابا
هل يجرؤ إنسان أن يدعي هذا السلطان؟ إن السيد المسيح هو وحده الذي قال هذه العبارة لأنه هو .

بالفعل له كل السلطان والمجد والعزة الهنا العظيم المتحنن من يستطيع ان يضع نفسة وياخذها الا اذا كان الاله !
الروح القدس هو أقام المسيح من بين الأموات في رسالة رومية الاصحاح الثامن
وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِيأَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ.
.
: الآب أقام المسيح من بين الأموات
غلاطية ١ : ١
١‏بُولُسُ، رَسُولٌ لاَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاللهِ الآبِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ،
( 1 تس 1: 10
اللهَ الْحَيَّ الْحَقِيقِيَّ،
10 وَتَنْتَظِرُوا ابْنَهُ مِنَ السَّمَاءِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، يَسُوعَ،

نجد من خلال كلمة الله الحية والفعالة الكتاب المقدس الكتاب الالهي الوحيد بين كتب الامم الوثنية ان الاعتراض علي اقامة الله من بين الاموات وراينا من خلال الكتاب المقدس ان الاقانيم الثالثة (الآب والابن والروح القدس)ذو الجوهر الالهي الواحد اقامو المسيح من حيث الجسد فوصف الكتاب المقدس الذي اقامة الله بالفعل صحيح ومعبر فلا يوجد ادني  عن  المسيح سوي سوء فهم المعترض للكتاب المقدس
فالاجابة تتلخص سريعا ان  المسيح (الآب والابن والروح القدس )اقامو الجسد
التفاسير المسيحية
تفسير القمص تادرس يعقوب
“رئيس الحياة”: الكلمة اليونانية لا تشير إلى رئاسة، وإنما صاحب الحياة أو مصدرها. وهو تعبير عسكري، إذ يظهر السيد المسيح كقائد للمعركة ضد الموت ليهب حياة للذين سقطوا تحت أسر الموت. لقد ظنوا أنهم قادرون على التغلب عليه بقتله، ولم يدركوا أن بموته داس الموت، وبقتله قتل الفساد وحطمه. إنه قائد معركة الخلاص!
قتلوا واهب الحياة، لكنهم كانوا عاجزين على إبادته، إنما قتلوا الحياة التي فيهم، وحرموا أنفسهم من المتمتع به بكونه الحياة والقيامة.
يقدم الرسول شهادة حية لقيامة المسيح، ليس بكونه قد رآه وتلامس معه وتحدث وأكل معه خلال الأربعين يومًا من قيامته إلى صعوده، وإنما لأنه يشهد به قائمًا فيه، فيتمتع بالحياة المقامة. وكما يقول الرسول بولس: “أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات”.
في تعليق العلامة أوريجينوس على قول السيد المسيح: “متى خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماءيطلب راحة، وإذ لا يجد يقول: ارجع إلى بيتي الذي خرجت منه… ثم يذهب ويأخذ سبعة أرواح أخر أشر منه (لو 11: 24-26)، يقول بأن هذا ينطبق على حال الشعب اليهودي. [فإن الذين لم يؤمنوا بابن الله لم يعد بهم “روح شرير” مثلما كان اليهود في مصر، بل يمتلئوا بالأرواح الشريرة أيضًا، وبهذا صارت أواخرهم أشر من أوائلهم. الآن هم يعانون من أمورٍ أشر مما كانوا عليه وهم في مصر، إذ ليس فقط لم يؤمنوا بيسوع المسيح، بل “قتلوا رئيس حياتنا”، فحُرموا من الحياة. لا يعود يقول النبي بينهم: “هكذا يقول الرب”. لا تعود توجد بينهم علامة، ولا أمر عجيب، ولا إشارة عن إعلان الله وحضوره. فقد عبرت الخيرات إلينا نحن الأمم، ككلمة ربنا يسوع: “ملكوت السماوات يُنزع منهم ويُعطى لشعب يحمل ثمرًا” (راجع مت 21: 43). نحن هو هذا الشعب الذي أُعطي له ملكوت الله، غنى الإنجيل.]
أية خطية أعظم أن يصلب الإنسان المسيح، ومع هذا فإن العماد يغسلها؟ لأنه تحدث بطرس مع الثلاثة آلاف الذين جاءوا إليه. هؤلاء الذين صلبوا الرب، إذ سألوه قائلين: “ماذا نصنع أيها الرجال الاخوة؟!” (أع 37:2) فإن الجرح عظيم؟! لقد جعلتنا يا بطرس نفكر في خطيتنا بقولك: “رئيس الحياة قتلتموه” (أع 15:3). فأي تضميد يصلح لجرحٍ عظيمٍ كهذا؟! أي تطهير يكون لغباوةٍ كهذه؟! أي خلاصٍ لهلاك مثل هذا؟! يا لحب اللَّه المترفق غير المنطوق به؟! مع أنهم كانوا بلا رجاء من جهة خلاصهم، لكنهم مع ذلك تأهلوا للروح القدس (أع 38:2)! هل رأيت قوة المعمودية؟! إن كان أحدكم يصلب المسيح بكلمات تجديفه، إن كان أحدكم ينكره في جهل أمام الناس، إن كان أحدكم يجدف على التعاليم بكلمات شريرة، فليتب، وليكن له رجاء صالح، لأن النعمة حاضرة إلى الآن.
تشجعوا… الرب يطهركم! “تشجعي يا أورشليم فإن الرب ينزع عنك كل آثامك” “الرب يغسل دنس أبنائه وبناته بروح القضاء وبروح الاحتراق” “سيرش عليكم ماءً طاهرًا، فيطهركم من كل خطيتكم” (راجع صف 14:3، 15، إش 4:4، حز 25:36).
سترقص الملائكة حولكم قائلة: “من هذه الطالعة في ثوب أبيض مستندة على حبيبها” (راجع نش 5:8.).
القديس كيرلس الأورشليمي
يرى القديس ايريناؤس أن السيد المسيح جاء ليخلص الكل خلال نفسه. صار طفلاً بين الأطفال ليقدس الأطفال، وصبيًا بين الصبيان ليقدسهم… وأخيرا مات ليكون بكرًا من بين الأموات، “لكي يكون هو متقدمًا في كل شيء” (كو 1: 18) كائنًا قبل الكل، ومتقدمًا الكل.
“وبالإيمان باسمه شدد اسمه،
هذا الذي تنظرونه وتعرفونه،
والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم”. 
ما يصبو إليه الرسول في كل حديثه هو جذب كل نفسٍ للإيمان بالقائم من الأموات، والتمتع بقوة اسمه القدوس.
ما قد تمتع به هذا الأعرج من صحة الجسد وتهليلٍ لنفسه وتسبيح، إنما بقوة اسم يسوع. إنها دعوة لكي يؤمن الكل باسمه، فيتمتعون بشخصه وقوته وسماته.
لا يقصد بالكلمة “اسم” مجرد لقب أو الاسم في ذاته، بل شخص يسوع المسيح، وقوته وسلطانه. فالإيمان باسم يسوع يعني الإيمان بشخصه وسلطانه وتدابيره الإلهية.
“تنظرونه وتعرفونه”: رأوا الرب خلال شفاء الرب للأعرج، وتعرفوا على شخصه وقدرته وحبه الفائق للإنسان!
“أمام جميعكم”: ما حدث كان علانية أمام الجميع، فأنتم شهود على أنفسكم إن لم ترجعوا إليه.
والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم”. 
الإيمان سراج، وكما ينير السراج البيت هكذا ينير الإيمان النفس.
الإيمان هو نور النفس، طريق الحياة، أساس الخلاص الأبدي.
القديس يوحنا الذهبي الفم
الإيمان المسيحي يشبه حبة خردل، يبدو للنظرة الأولى شيئًا صغيرًا تافهًا وضعيفًا، لا يُظهر بوضوح قوته الحقيقية؛ عندما تبدأ تهاجمه تجارب متنوعة عندئذ يظهر نشاطه خارجيًا وقوته ويتنسم إيمانه الناري بالرب ويُثير نوع من الهوى الإلهي لا ليلتهب هو نفسه فقط بل ويلهب كل ما في داخل مجاله.
القديس أمبروسيوس
بالرغم من أن كثيرين من اليهود شعروا بمرارة من مثل هذا الحديث الرفيع إلا أنهم كبحوا غضبهم رغمًا عن إرادتهم، إذ أنهم خجلوا من عظمة المعجزة.
هناك نقطة أخرى ينبغي ألا ننساها، وهي أن المسيح إذ وشح أولاً الرسل القدّيسين بقوات عظيمة هكذا، فإنه يدعوهم بعد ذلك للانطلاق بسرعة. ويبدأوا عملهم في إعلان سرّه إلى سكّان الأرض كلها. لأنه كما أن الثوّار المقتدرين بعد أن يزوّدوا جنودهم الشجعان بأسلحة الحرب يرسلونهم ضد كتائب العدو، هكذا يفعل المسيح، مخلصنا وربّنا جميعًا. يرسل معلّمي أسراره، القدّيسين، موشحين بالنعمة التي يمنحهم إيّاها، ومجهّزين كليّة بالسلاح الروحاني ضد الشيطان وملائكته، لكي يكونوا مقاتلين أشدّاء غير مغلوبين. لأنهم كانوا على وشك أن يدخلوا في معركة مع أولئك الذين سيطروا على سكّان الأرض في الزمن القديم، أي أن يحاربوا ضد القوّات الشرّيرة المضادة…
القديس كيرلس الكبير
يلزم أن يعِّدك الإيمان ومخافة الرب لمواجهة أي شيء وكل شيء.
لتكن خسارة للأشياء القريبة منك والعزيزة لديك، فقدان الصحة بسبب مرض خطير، أو حرمان من الزوجة والأطفال. مثل هذه الأمور يلزم ألا تكون فرص لتربكك بل بالأحرى لحفظك. مثل هذه المصائب يلزم ألا تضعف إيمان المسيحي أو تزيله بل بالأحرى هي فرص لكي تقوم هذه الفضيلة بغيرة متجددة أثناء الصراع.
يلزمنا أن نتجاهل الشرور الحاضرة، مرتبطين برجائنا في المكافأة السماوية.
حيث لا يوجد صراع لا يمكن أن توجد نصرة. حيث تثور المعركة تُوهب النصرة، عندئذ ينال الغالب المكافأة.
يبرهن قائد السفينة على استحقاقه أثناء العاصفة، والجندي في المعركة. الشجرة ذات الجذور العميقة لن تسقط حتى إن هزتها الرياح. هكذا أيضًا الرسول بولس بعد أن انكسرت السفينة به، مع القيود واحتمال آلام جسدية كثيرة لم يتحدث بقلبٍ منكسرٍ بل بالأحرى صار إلى حالٍ أفضل بالمخاطر التي واجهها. فإنه بقدر ما تعذب بأمور خطيرة، كان بالأكثر يتزكى بأنه مستحق للمديح الحقيقي.

القديس كيرلس الاورشليمي وقانونية سفر الرؤيا وبقية اسفار العهد الجديد

  في البدايه تعريف بمن هو القديس كيرلس من كتاب سير القديسين القديس كيرلس أسقف أورشليم (القديس كيرلس الأورشليمي)   قس الموعوظين: Κύριλλος Α΄ ...