حتى لو ذبح هؤلاء من أجل اعترافهم باسم المسيح، فلن يغسل إثمهم هذا بالدم، إذ أن خطأ الانقسام الخطير الذي لا مبرر ولا تفسير له، لا يمحى ولا حتى بالدم ولا حتى بالآلام، ولا يمكن أبدا لذاك الذي ليس داخل الكنيسة أن يكون شهيدًا أو ابنًا للمسيح، ولا يمكن أن ينال الملكوت من يهجر الكنيسة، تلك التي ستحكم وتملك هناك.
ولا يمكن للمنشقين والمخادعين أصحاب البدع والهرطقات أن ينالوا الملكوت وجعالة السيد المسيح، ولا يمكن للذي دنس وانتهك محبة المسيح بانقسامه العديم الإيمان أن ينال جعالات المسيح، ومثل هؤلاء يتعبون لا لأجل المسيح ولكن لأجل ذاتهم ومجدها الفارغ، يجمعون حولهم لا حول المسيح، يجوبون البحر والبر لكنهم لا يكللون، يدعون أنهم مرشدون بنفس الطريقة التي يزعم بها الشيطان ويدعى أحيانا أنه هو المسيح، مثلما حذرنا الرب نفسه مسبقا وقال (كثيرين سيأتون باسمي قائلين إني أنا هو ويضلون كثيرين) {مز 13: 6}.
وكما أنه ليس المسيح -رغم أنه يخدع بهذا الاسم- هكذا أيضا لا يمكن لمنشق أن يعلم، لأنه بعيد عن صراحة الإيمان، لا يحفظ الوحدة بل يزعج السلام ليفت المحبة ويدنس الأسرار.
هل نعلم مصير داثان وابيرون اللذين قاوما موسى؟ لقد ابتلعتهما الأرض، وقورح أيضًا والمئتين وخمسين الذين كانوا معه لما قاموا هارون، ماذا كان ينتظرهم؟ لقد أكلتهم النار، وأيضا عندما تجاسر عوزيا أزاريا وأخذ لنفسه الكهنوت وأراد أن يرفع البخور، وحاول رئيس الكهنة ومجمع الآباء أن يثنوه، ولم يسمع منهم، ظهر البرص في جبهته.
فإن كان الذي يقوم على الملوك يستوجب العقوبة، فكم بالحري الذي يقوم على الكنيسة ويتحدى الآباء، وكما أن الكهنوت أرفع من المملكة ينبغي بالمثل أن تثقل العقوبة، وكلنا يعلم كيف كانت نهاية المارق آريوس!!
إنهم يجلبون على أنفسهم نارًا يحترقون بها إذ يقدمون تعاليم غريبة، كالنار التي احترق بها ناداب وأبيهو، فكثير من الهراطقة الخادعين النفوس تحملوا أتعابا كثيرة إلا أنهم لم ينالوا مكافأة.
والكنيسة في موقفها من الهراطقة المبتدعين، تستر على خطاياهم وتعطيهم فرصة وفرص للتوبة مرة ومرات، لكنها إن وجدت أن علاجهم في فضحهم تعلن تأديباتها، وقد تحدثنا عن وبعد أن عالجت بالحب والنصح والستر، تؤدب علانية من أجل خلاص أولادها، تؤدب لا الذين أخطأوا، بل تؤدب بالأكثر الذين عاندوا ولم يتوبوا، وأصروا على انحرافاتهم.
وحينما تضطر الكنيسة إلى قطع هرطوقي مصر على نشر تعاليمه الغريبة، لا تغلق أمامه باب التوبة، إنما تريد بالقطع دفعه إلى التوبة ورجوعه عن شر انحرافه، وقطع التعاليم الفاسدة حتى لا تتسرب للبسطاء، وهى تفعل ذلك بروح أمومة الكنيسة وأبوة الكهنوت وحراسة الرعاة، حتى أنها في صلواتها تصلى من أجل السلامة والوحدة وزوال فساد البدع، لكنها لا تذكر حرمان مبتدع باسمه، إنما تقدم غنى وشبع الكنيسة في إيجابية بناء العقيدة السليمة ممتدحة الآباء الحافظين الإيمان.
لذلك نقول في ذكصولوجية القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين (بالحقيقة ارتفعت جدًا في وسط مجمع آبائنا الأرثوذكسيين في مدينة أفسس وأخزيت نسطور المنافق واعترفت الاعتراف الحسن).
ونقول في ذكصولوجية القديس الأنبا صموئيل المعترف (السلام لأنبا صموئيل الذي مزق طومس لاون وثبت إخوته في الإيمان الأرثوذكسي)، وفي ذكصولوجية الأنبا ساويرس الأنطاكي نقول (المنادى بالأرثوذكسية هو ساويرس البطريرك معلم القطيع الناطق الذي للمسيح، اعتقاداتك المستقيمة ضربت قلوب الهراطقة مثل سيف).
No comments:
Post a Comment