لا يوجد بيت آخر للمؤمنين إلا الكنيسة الواحدة، وهذا البيت وأسرته المتحدة المترابطة، يشير إليهما الروح القدس في المزامير، قائلًا (الله مسكن المتوحدين (الذين لهم فكر واحد) في بيت) (مز 68:6)، ففي بيت الرب، في كنيسة المسيح يسكن المؤمنون بفكر واحد ويحبون في محبة وسلام وبساطة
لذا أيضا استعلن الروح القدس على شكل حمامة، لأنها طائر بسيط وبهيج لا يتوعد (أحدًا) بحقد، وليس قاسيًا في عضته، ولا عنيفًا يمزق بمخالب، يحب السكنى مع البشر ولا يعرف إلا بيت واحد فقط، وعندما يصير للحمام أبناء يربون أولادهم معًا، وعندما يطيرون يظلون بجوار بعضهم البعض في طيرانهم، ويقضون حياتهم كلها في عيشة مشتركة معلنين وحدانية السلام، وفي كل الأمور يحققون ويعلنون قانون الوحدة والجموعية.. هذه هي البساطة التي يجب أن تُرى في الكنيسة، هذه هي المحبة التي يجب أن تُحفظ، حتى يقتدي الإخوة بالحمام وحتى يكون لطفهم ورفقهم مثل الحمام والخراف
وبالروح القدس، الذي يجمع شعب الله في واحد، يطرد الروح الشرير المنقسم على ذاته الذي يبلبل ويشتت الوحدانية، مذ أننا جميعاَ ننتهي (إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح) {اف 4:13}
جاعلين من قلوبنا قسط المن، بالإدراك الصحيح والعذب لكلمة الله، والتعليم المدقق على الدوام في وحدانية الفكر Single - Minded، فالوحدة والخضوع للأسقف هما أيقونة للوحدة والخضوع لله أبي ربنا يسوع المسيح أسقف الجميع، ولكلمته الحية، التي هي تعليم وإيمان الكنيسة الجامعة منذ البدء، الذي أعطاه الرب، وكرز به الرسل، وحفظه الآباء، وعليه تأسست الكنيسة وقامت
إذ أن العقيدة الإيمانية التي ندين بها ونحيطها بجليل العناية، ما كانت يوما قط من استنباط إنسان وإيماننا الرسولي الآبائي الليتورجي والعقيدي المستمد من الإنجيل وخبرة الكنيسة، لا يمت بصلة إلى أسرار البشر، إنما هو هبة رب الكنيسة وعريسها الذي جعل كنيسته كنيسة جامعة تتأسس جامعيتها على صدق وأصالة تعليمها حسب ملء الحق
لذلك يتحقق سر وقانونية الوحدانية عندما نقبل من جاء وعلمنا بكل ما سبق وقبلناه، أما إذا عاد احد ليخترع تعليماَ مغايراَ بقصد الهدم فلا نسمع له، بل نختبره لنعرفه ونميز اليمين عن اليسار
إن اتفاق الإيمان يجرد الشيطان من قواه ويحل فساده، ومحور هذا الاتفاق هو وحدة المؤمنين داخل الكنيسة وطاعة الأسقف لكي نكون خاضعين لله
ومن لا يواظب على حياة الكنيسة فهو يتغذى على أغذية غريبة ولو بدت أنها على اسم المسيح، أو من روح الكتب المقدسة
وما الغذاء الغريب إلا البدع، التي يخلط بها المنشقون الإيمان بربنا يسوع بضلالاتهم وأهوائهم الخاصة، راغبين في إظهار جدارتهم الذاتية المزيفة، ومثلهم يقدم السم المميت ممزوجاَ بالخمر والعسل، فلنحترس إذن من هؤلاء المضلين!! ولا يمكننا ذلك إلا إذا ابتعدنا عن المجد الفارغ وحفظنا الوحدة بالمحبة والطاعة والسلام وقبول التلمذة
أما الذي لا يحيا سر وقانونية الوحدة فانه يضل، ومن يتحد بالله يطيع الكنيسة ويخضع للأسقف، ومن هو خارج الكنيسة يتحرك ويعمل مستقلاَ عنها وعن كل طغماتها، إذ لا يستطيع أحد أن يقول انه في المسيح وهو خارج معسكر الكنيسة، ولا يستطيع أحد أن يقول أن الله أبًا له ما لم يتخذ الكنيسة أمًا
والمسيح ربنا لم يمت ميتة يوحنا المعمدان بقطع رأسه وفصلها عن جسده، ولامات ميتة إشعياء بنشر جسده، وذلك لكي لا تكون فرصة للذين يريدون تقسيم وحدة الكنيسة وتجزئتها
No comments:
Post a Comment