(أنظروا أن لا يكون أحد يسبيكم (يفسدكم) بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم) [كو8:2].
هكذا تجول الذئاب في ثياب الحملان، نعم ثيابها ثياب حملان وليس أظافرها أو أسنانها، وإذ هم يتسترون في الجلد الناعم، يخدعون بمظهرهم وزيهم ويبثون من أنيابهم سم البدع والأفكار الغريبة.
يسحبون البسطاء بلسانهم اللين وفكرهم الغريب في خلط وتخبط، وهذا هو السبب لتحذيرات الكنيسة التي تملك كل الحق ولا تحتاج إلى اختراعات وتصحيحات البشر، فلن تكون التعاليم مقبولة ما لم نستلمها من الكنيسة وفي الكنيسة، لأنها بمقتنيات ثمينة للغاية، وتحتاج منا إلى نفس متيقظة ونعمة إلهية وذهن علوي وبصيرة نفاذة حتى نميز فساد الفلسفات المدسوسة والتعاليم الباطلة، عندئذ لا نأكل الزوان على أنه حنطة فيصيبنا ضررًا من الجهل، ونسقط فريسة الذئاب التي حسبناها حملان ويبيدنا الشيطان المهلك الذي نظنه ملاكا من نور.
أما المنشقين، ففي خداع يتسللون تحت ستار التعليم الأرثوذكسي، ويدسون سمومًا هي تعاليمهم الجاهلة والمملوءة فسادًا، وعن هؤلاء يقول الرب (أنظروا لا يضلكم أحد) [مت 24: 4] هؤلاء الذين ينتسبون إلى الأرثوذكسية وهم أصحاب بدع مقنعة واتجاهات منحرفة، يلبسون صورة الأرثوذكسية وهم يتجاسرون عليها ويشككون في التعليم السليم، ويتأرجحون من تعليم إلى آخر ويتقبلون مبادئ متضاربة.
ولعلنا في هذا الجيل نذكر هذه المحاولات التي تستهدف تشويه الإيمان الأرثوذكسي بحيلة خبيثة هي أساس كل هرطقة معاصرة ذلك أن يقوم مبتدعين مرتدين ثياب الأرثوذكسية بينما داخلهم مملوء انحراف وتعاليم مضللة (منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا) [1 يو 2: 19].
أفواههم أفواه شر لأنها تتعمد إغفال دور الكنيسة في الخلاص، مدعين تعاليم ضالة مؤداها انك تستطيع أن تخص بدون الكنيسة، وهم في هذا يقاومون روح الله الذي أسس الكنيسة والذي يقدس الأسرار.
أنها تعاليم مدسوسة ليس فيها سمو الكنيسة وقداسة الأسرار وثبات العقيدة وتكريم القديسين والتمسك بالتقليد، تارة بالإغفال وتارة أخرى بالمغالطة، وفي أحيان كثيرة توضع باهتة لتوظف فيما بعد للدفاع عن ضلالات كاتبيها.
هذه الكتابات المضيعة تقسم الإيمان وتغير التعليم وتشوش العقيدة، لذلك ترتد أقوالهم على رؤوسهم، بعد أن خلطوا التعاليم النقية وسنوا ألسنتهم وأقلامهم ضد الإكليروس وضد الرؤساء وضد الأسرار وضد الكنيسة والليتورجيا
هل هذه كلها ليست هرطقات؟ أنها تمثل هوة الدمار التي تجمع سقطات البدع وتنفث سموم أخطاء كثيرة، فهل يتجاسر أحد ويدعى زورًا أن هناك خلاص بدون الكنيسة؟
كيف يكون ذلك والكنيسة مرتبطة بالمسيح ارتباط الجسد بالرأس، وهو الذي يجمعها من أربعة رياح الأرض ليجمع أعضاءها موحدا إياهم في جسد واحد، في وحدة الفهم والفكر والإيمان والمحبة، جسده الممجد، أم جميع المسيحيين، التي صارت المجال والوسط الفريد للروح القدس الذي أؤتمن بالحق عليها، التي لا نصيب لأحد مع المسيح إلا فيها، فهي الجسد الملتحم برباط التقوى ووحدانية التعليم ويقينية الرجاء، بيت واحد له الخلاص في المسيح، أعطيت الوعد بالغلبة على كل قوى الشر مجتمعة.
وكل من لا يكرم الكنيسة أم جميع المسيحيين في تعليمه عن عمد ويطمس دورها في الخلاص، إنما يقد الرؤية ويدفع بنفسه ومن معه إلى خارج البيعة حيث الطوفان والغرق، إذ هي فلك النجاة الحقيقي، الذي كل من داخله ينجو.
No comments:
Post a Comment